في ذروة المجاعة التي ضربت بنجلاديش سبعينيات القرن الماضي كان الدكتور محمد يونس للتو عاد لبلده من أمريكا بشهادة دكتوراة بالاقتصاد وبدأ يدرس بالجامعة أحدث النظريات الاقتصادية عن الاقتصاد الدولي واقتصاد الشركات الاستثمارية الكبرى ثم عند خروجه من الجامعة كان يرى فقراء بلده يموتون جوعا حول أسوارها، فشعر بالعار من انعزاله في فقاعة بريستيجه الأكاديمي عن معاناة أهل بلده فخرج مع تلاميذه إلى القرى التي ضربتها المجاعة لدراسة أسباب فقر أهلها فوجد أن الفقراء يعملون أكثر من أي أحد لكنهم واقعون تحت الاستغلال، حيث قابل نساء القرى اللاتي يصنعن مشغولات يدوية بديعة لكنهن يمتن من الجوع وسأل إحداهن عن السبب، فأخبرته أنها مضطرة لقبول السعر المنخفض الذي يشتري به التاجر مصنوعاتها لأنها لا تملك المال لشراء الخيزران وهي تقترضه من التاجر مقابل أن تبيع إنتاجها له فقط، وثمن الخيزران كان عشرين قرشا فأقرض يونس 42 امرأة 27 دولارا من ماله ليشترين الخيزران ويبعن إنتاجهن لمن يدفع أكثر، وجميعهن رددن قرضه وتحسنت أحوالهن، عندها حاول إقناع البنوك بإقراض الفقراء فضحكوا عليه وقالوا إن الفقراء لا يمكن الثقة بهم ولن يردوا القروض، فاضطر أن يقدم نفسه كضامن لقروض الفقراء، وقد رد الفقراء كل القروض وبلا تهرب، وتوسع في إقراض أهالي قرى بكاملها وركز على إقراض النساء لأنهن أكثر التزاما بإنفاق القروض على عمل تجاري يفيد كل الأسرة، وبسبب نجاح فكرته أنشأ عام 1983 «بنك جرامين» للفقراء الذي يقرض حتى الشحاذين ليبدؤوا عملا تجاريا، وصارت لبنك الفقراء فروع في أنحاء العالم حتى بأمريكا، ونال عنه جائزة نوبل للسلام «2006». وفي السعودية أثبت برنامج «الأسر المنتجة» نجاحا مشابها لكنه لا يزال يحتاج للمزيد من الدعم.