فاروق صالح باسلامة كنت عندما أراه من بضع عشر سنة أحسبه طالب علم أو مدرسا بمدرسة ابتدائية غير أن الأيام أخلفت وهمي بعدما قرأت له الكتب التي أصدرها ودلل من خلالها على ثقافته الواسعة، وعمق معارفه التي كشفت عنها المؤلفات التي أصدرها خلال عام 1435ه .. فقد تلقيت منه ثلاثة مؤلفات تدل دلالة واضحة على أنه «كتلة» ثقافة وصاحب أسلوب سلسل تسهل معه قراءة المؤلف الذي كان الأول فيما تلقيت منه : 1-1 أدباء ما بعد الرواد في المملكة العربية السعودية . وثانيها : من رواد الأدب السعودي. والثالث : من أعلام الفكر الإسلامي الحديث. أما الرابع والأخير فقد صدر بعنوان : نوابغ وفصول في الثقافة. وبقراءتي لهذه الإصدارات أدركت حقيقة الرجل وعمق ثقافته وقدرته على التحليل وبلاغته في التعبير وشاهدي على ذلك ما جاء في كتابه الأخير عن «موقف الرسول صلى الله عليه وسلم من الشعر» : { والشعراء يتبعهم الغاوون، ألم تر أنهم في كل وادٍ يهيمون ، وأنهم يقولون ما لا يفعلون، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون } الشعراء : 224 227 .. وقد فهم بعض النقاد في أدبنا العربي واستنبطوا من هذه الآية الكريمة أن القرآن قد عادى الشعر والشعراء ، والتفتت إلى هذه النقطة الدكتورة بنت الشاطىء فقالت : ولو أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد فهم من «آية الشعراء» مثل ما فهمه أولئك النقاد الذين اتخذوها شاهدا على أن القرآن قد ناصب الشعر العداء لكان إصغاؤه صلى الله عليه وسلم إلى الشعراء وتشجيعه لهم ، وندبه إياهم لنصرة الدعوة، غير مفهوم من نبي مبعوث بدين يقف من الشعر موقف العداوة، ولكان مسلكه عليه الصلاة والسلام حيال حسان، وكعب بن زهير، وعبد الله بن رواحة وغيرهم ممن خاضوا المعركة إلى جانبه بألسنتهم، مناقضا لموقف دعوته من الشعر .. ولكن آية الشعراء فهمت على غير وجهها الصحيح، ولم يخطر ببال هؤلاء النقاد أن يلتفتوا إلى موقف الرسول صلى الله عليه وسلم من الشعر قبل أن يجزموا بعداء الإسلام للشعراء.. تحية تقدير للأديب الكاتب فاروق صالح باسلامة. السطر الأخير : ترى الرجل النحيل فتزدريه وفي أثوابه أسد هصور.