الموروث الشعبي يحذر من إطلاق العنان للألسن وتظهر عواقب من يستهين بكلمة يطلقها هنا أو هناك ومغبة ما تجنيه أقواله من ردود فعل توقعه فيما لا يحب. والباحث عن هذه التحذيرات سيجد كما مهولا من الأمثال والحكايات التي تسير في هذا النهج وتطالب المرء بلجم لسانه. وفي زمن الهرج والمرج ينثال اللغط بأقاويل لا يمكن الإمساك بمرجعيتها لكي تستبين مدى صدق المقولة أو كذبها ..وهناك تحذير ديني من زمنية (الهرج والمرج) وبما أننا نعيش في زمنية هذا الهرج والمرج نجد أن الفرد الواحد قادر على تعميم كذبته أو إشاعته أو دعوته على نطاق واسع من غير توثيق أو تحرز فيما يبث. كما أن الجماعات الإرهابية نشطت في استمالة الشباب من أجل الانضمام إلى صفوفهم بجميع الوسائل وقد يوجد (ملقوف) ليس له ثور أو جمل ويتبرع بتعميم دعوة الاستمالة بين أصدقائه وزملائه ولأن جل الجماعات الإرهابية محذورة دوليا ويعاقب القانون أي منتم لها أو داع ومروج لثقافتها بالمساءلة والسجن تجد البعض من شبابنا يستهين بالأمر ويقوم بترديد دعوات الجماعات الإرهابية أو حمل شعاراتهم بين زملائه وهو ليس جادا، بل متفكها بما يفعل إلا أن القانون في الدول الأوروبية مثلا لا يفرق بين المزاح والجدية متى ماكان الأمر متعلقا بتلك الجماعات إذ بالإمكان أن تغيبك جملة من الجمل التي (قلتها مازحا) خلف القضبان لسنوات طويلة . ومعلوم أن أبناءنا المبتعثين لا يحملون ثقافة قانونية تحصنهم من اقتراف أو قول بعض الألفاظ التي يعاقب عليها القانون كما أنهم يطلقون بعض الجمل مزاحا كما يحدث داخل بلدهم فإذا استنكر على أحدهم مقولته سرعان ما يرد: كنت أمزح . هذا العذر غير مقبول بتاتا في الدول التي تجرم أي فعل أو قول عنصري أو دعوى لجهات إرهابية وكثير ممن تورط بسبب (ذلاقة) لسانه فلا يجد في جملة (كنت أمزح) مخرجا يخرجه من العقوبة . وقد أحسن صنعا الدكتور محمد العيسى الملحق الثقافي في أمريكا حين نبه الطلاب المبتعثين محذرا من تداول الدعوات الداعية إلى الانضمام للجماعات الارهابية حتى ولو كانت على سبيل المزاح . ولأن مئات الآلاف من أبنائنا منتشرين في بقاع الأرض فإن من واجب الملحقيات أن تنبهم على ما يجب فعله أو تركه من قول أو فعل ..فأبناؤنا أمانة في أعناق تلك الملحقيات وعليها أن لاتستهين بالأمانة .