كنت مدعوا ذات مساء لحضور حفل بالقاعدة الجوية، ورأيت شبابنا ببزاتهم العسكرية يتوهجون ويتقدون حماسة وجدا تعلو ملامحهم فرحة الانتماء لذلك القطاع، ولأنها المناسبة الاولى التي أحضر فيها إلى قطاع عسكري استشعرت البعد الفاصل ما بين الاعلام والقطاعات العسكرية المختلفة التي يغيب التواصل معها بطريقة مستغربة. في تلك الليلة احتزمت بمعلومات جديدة عن ضباطنا الطيارين ومستويات تدريباتهم وجاهزيتهم واستعداداتهم لمواجهة أي خطر يمس بلادنا ولم أكن لأعلم عن تلك المعلومات لولا ظروف قادتني لحضور ذلك الحفل. رأيت وجالست مجموعة من الضباط الطيارين يمتلكون الخبرة الطويلة والتدريبات المتواصلة والدراية بالتفاصيل الدقيقة للشؤون الحربية كتاريخ أو كواقع ومناجزة على الأرض ومن أحاديثهم استشعرت عمق معارفهم عما يدور في الفضاء العربي والدولي كنت استمع وحالة من الخجل تغمرني كوننا نحن الكتاب لم نتواضع قليلا لنقف على هذه الطاقات والثروات الوطنية لنعرف شيئا عنهم أو نقدم لمحة عن هذه الأجهزة العسكرية التي تحمي أمننا جوا وبحرا وبرا وإزاء ذلك الخجل الذي اعتراني فكرت بأن أقوم بعمل صحفي يغطي تلك القطاعات كأن تعيش يوما -في كل قطاع- لتكتب عن الأدوار المختلفة التي ينهضون بها لحماية أمننا وسلامة أراضينا.. كان هذا الشعور ملازما لي طوال الحفل وما إن عدت من تلك المناسبة حتى عاد نفس الشعور الذي يغلفنا ويتخذ سمة الجفوة كعلاقة ما بين العسكر والمدنيين.. هل كان ذلك الحاجز الوهمي قائما فعلا ام ان تراكم السنين خلق البعد ووسم العلاقة بالجفاء والتوتر مما جعل شعور رغبة عدم التواصل حاضرا كل حين؟ بالأمس وأنا أقرا عن عودة طيارينا إلى قواعدهم سالمين بعد أن أدوا واجبهم الحربي ضد تنظيم داعش الارهابي، وأنا أقرأ الخبر لعودتهم عادت إلي نفس لحظة الخجل ذاتها التي اعترتني ليلة الحفل ليصبح ذلك الخجل يحوم في داخلي على صيغة سؤال: - لماذا لا نفخر بقطاعاتنا العسكرية وهي التي تحمي أمننا الخارجي والداخلي؟ وهو السؤال الذي يجب علينا اقتحامه والإجابة عليه ككتاب ومثقفين في ظل ما يحدث من تساقط دول تحت مخططات ومنفذين لها وفي حين نكون منشغلين في حياتنا المعيشية آمنين مطمئنين يكون العسكر أول من يقف سدا منيعا ضد تنفيذ أي مخطط يطال أمننا وأماننا بعزيمة وحيوية الطاقات الحية من شبابنا في كل القطاعات العسكرية. فاستشعرت بأن فمي يحمل تحية كبيرة لم تقل لكل عسكري ذاد عن حمانا وعجزنا أن نقول له شكرا.