نتساءل دائما: لماذا رسوم الاستقدام في بلادنا باهظة جدا؟! ومن وراء ارتفاع الأسعار بهذه الصورة المبالغ فيها؟! وما سر المفاوضات التي نسمع عنها بين وزارة العمل ونظيراتها في الدول التي نستقدم منها العمالة؟ ولماذا باتت كل وعود محاصرة سماسرة الاستقدام حبرا على ورق ولم تتحقق على أرض الواقع؟! أسئلة كثيرة تدور في رأس كل منا، وتحار الإجابات أيها يقنعنا؛ بسبب كثرة التصريحات التي تعقب تلك الاتفاقيات، والمحصلة النهائية عمالة تستنزف الجيوب، وتقتل الأبرياء، خاصة الأطفال في المنازل، ومع ذلك نحن ملزمون بالاستقدام من تلك الدول التي تصدر لنا من عمالتها أسوأ ما لديها!! والمتابع لهذا الشأن، يسمع كثيرا عن استقدام عمالة منزلية من 20 دولة جديدة، وتكاد تصريحات المسؤولين في وزارة العمل تكرر نفسها حول الرقم ذاته كل مرة، ولم نلمس أي تحسن في تغيير بلدان استقدام العمالة أو صيغ الاتفاقيات، والدليل كثرة حوادث العاملات وجرائمهن ومن جنسيات محددة ومعروفة لنا وللوزارة، لأن (الكفيل) لا يعرف عن العامل أو العاملة شيئا من قبل مكاتب الاستقدام ويثق في هذه المكاتب المرخصة من الوزارة للاستقدام، ولكن واقع الحال للأسف مثل من يشتري بطيخة وهو لا يعلم إن كانت حمراء أم بيضاء، ونحن نريد لمكاتب الاستقدام أن توفر لنا عمالة بمبدأ (حبحب على السكين)، لأنه كان الأحرى بالوزارة أو بالمكاتب إطلاع المستفيد (الكفيل) على بيانات العاملة قبل قدومها، وأن تعمل مكاتب الاستقدام أو الوزارة على فرض شروط صارمة وعقوبات على من يخالف ما ورد في الاتفاقيات الموقعة مع تلك الدول، وأن يتم الوفاء بشروط المستفيدين (الكفلاء)، فدائما ما نسمع من الوزارة عن شروط «العمل» مع دول الاستقدام الجديدة، أن «شروطنا موحدة ولن تتغير، مثل شروطنا على إندونيسيا وغيرها من الدول، وتتمثل في ضمان وصول العمالة خالية من الأمراض والسوابق، وأن تكون مدربة»، لكن هذا لا يحدث إلا في أحلامنا للأسف الشديد. في شهر ربيع الآخر الماضي تم توقيع اتفاقية بين وزير العمل السعودي ونظيره الإندونيسي، لاستئناف استقدام العمالة المنزلية من إندونيسيا، بعد خلافات بين الجانبين أدت إلى توقفه مؤقتا قبل نحو ثلاثة أعوام ونصف، لكن القضية لم تحسم بعد، ومصير استقدام العمالة من هناك ما زال معلقا. والحال نفسه يتكرر في الاتفاقية مع الجانب النيبالي، إذ فتحت التأشيرات للاستقدام من هناك لمدة شهر فقط، ومن ثم أغلقت في ظل تعثر الحصول على العمالة بسبب خلاف في نصوص العقد وتوقفت التأشيرات حتى إشعار آخر. وقبل عدة أشهر، فتح باب الاستقدام من الهند، وأصدرت وما زالت تصدر التأشيرات، لكن المكاتب ترفض الطلبات بحجة عدم جاهزية مكاتب العمالة في بلد التصدير، والمتضرر المواطن الذي يرضخ لقبول عمالة لا تتناسب مع متطلبات الأسر، وفي النهاية ضحايا بالجملة، وحقوق تهدر في ظل عدم التعويض بالبديل!! تحدثت مع مسؤول في اللجنة الوطنية للاستقدام، وبين لي أن فتح التأشيرات من الهند غير مناسب في الوقت الراهن؛ لعدم مقدرة الجانب الهندي على الإنجاز، وهذا سيؤثر على المستفيد في حال تكدست التأشيرات، إذ سيؤدي ذلك إلى ارتفاع الأسعار بشكل مضاعف، وهذا هو السبب الرئيسي في تحميل المواطن كل هذه التكاليف، ولو أوقفت التأشيرات ريثما تستعد المكاتب في بلد التصدير لإرسال العمالة، لما تحول ذلك إلى أطماع لدى مكاتب الاستقدام وأسعار خيالية. ما الفرق بين الاستقدام في بلادنا والاستقدام في دول الخليج المجاورة لنا؟! لماذا لديهم المدة بسيطة والأسعار في متناول الأيدي، بينما لدينا مدد تصل إلى قرابة العام، وأسعار مبالغ فيها تتجاوز ال17 ألف ريال أحيانا. الكل ينتظر من وزارة العمل أن تعيد النظر في وضع استقدام العمالة، خاصة المنزلية، ووضع ضوابط تخفف عن كاهل المواطن هذه التكاليف الباهظة والحقوق المهدرة، لا سيما أن العمالة تحظى بدعم من ممثلياتها، وتحفظ لهم حقوقهم، بينما الكفلاء مجبرون على دفع هذه المبالغ وتسلب حقوقهم من قبل المكاتب!! متى نلمس الدور الحقيقي للشركة الموحدة لاستقدام العمالة؟! ومتى نقضي على ظاهرة الهروب ورفض العمل؟!