هناك عبر التاريخ أشخاص كبار البطون صغار الأفعال يحسبون كل مجد لهم. تراهم مع كل انتصار يصرخون ويطبلون ويصفرون باعتبار النصر الذي صنعه غيرهم نصرهم.. وإذا نظرت حولك وجدتهم يتمتعون بالحلي والديباج والفرش الوثيرة وتعدد النساء ومباهج الحياة. هم أقوام لدينا منهم اليوم الكثير، وشاهدي على ذلك أولئك الذين ما فتئوا يسرقون دماء أطفال وشهداء غزة ودمارها ليعلنوا انتصارهم وتفوقهم على العدو الإسرائيلي.!! عيني عينك يسرق هؤلاء المدعون المتسلقون أمجاد أهل غزة، التي لا يوجد فيها الآن بيت لم يفقد طفلا أو أما أو أبا. ويخاطبون أتباعهم وأتباع أتباعهم بأن انتصار الدم على الدبابة هو انتصارهم الذي لا يبارى ولا يشق له غبار.!! فقدوا حتى الحياء من الدم والأشلاء والدموع. استمرأوا (المجد) الجماهيري إلى الدرجة التي لم يعودوا قادرين على التفريق بين ما هو لهم وما هو لغيرهم.!! ولم يكتفوا بسرقة أمجاد دماء الأطفال الأبرياء بل زادوا تأليبا وتحريضا على الآخرين العرب المسلمين الذين لا يتماهون مع أفكارهم وأجنداتهم وأحزابهم. وذلك لأن الدم عندهم ألوان: لون يشبههم ولون ينازعهم سلطان حكمهم وجبروتهم: الدم المصري والعراقي تحت إرهاب جماعة الإخوان وداعش حلال، بينما الدم الفلسطيني في غزة حرام، مع أن كل الدماء، كما هو الإسلام وتعاليمه، حرام بغير حق تفصل فيه الأدلة والشريعة وليس الهوى ونوازعه. لكن، ما دمنا نعيش في زمن رديء كالح، فما الذي يمنع هؤلاء من أن يفرقوا ألوان الدم على هواهم.؟ وما الذي سيمنعهم عن أن يضعوا انتصار أطفال غزة في جيوبهم.؟! الانتصار، كما هي دروس التاريخ، يدفع ثمنه المستضعفون ويتلذذ بنتائجه المترفون الذين يواصلون بناء أمجادهم ومغانمهم الشخصية على أنهار الدم ووديان الأشلاء. أي أنه لاجديد. التاريخ يعيد نفسه في صور بشرية جديدة، لا تشبع من المغانم والسبايا، ولا تكف عن سرقة أمجاد الآخرين الذين لا حول لهم ولا قوة. لكنني، مع ذلك، أؤمن دائما بأن مجد المتسلقين زائل بينما يبقى مجد الدم والأشلاء ثمنا لا ينضب ولا يزول. حسبي الله ونعم الوكيل.