انتهت حماس عشية وقف إطلاق النار إلى ما بدأت به. لا فارق بين اليوم السابق على الحرب، وبين اليوم اللاحق ؛ إلا مجزرة من آلاف الضحايا، وذلك الدمار الشامل الهائل، وفتح جزئي للمعابر. وكما حدث في لبنان صيف عام 2006 م؛ عندما تم تدمير لبنان بسبب حماقات الحزب الإلهي الإيراني، أعلنت حماس كما أعلن حزب إيران في لبنان من قبل أنها انتصرت، وأن (الوعد الإلهي) قد تحقق، وأن المعركة كانت معركة (الفرقان) حيث تمايز أولياء الله (المؤيدون لحماس) عن أولياء الشيطان (من لم يوافقها على دمار غزة). وهكذا ولا تسأل كيف؟ تحقق النصر المبين. بعد نهاية الحرب بيوم، ظهر: إسماعيل هنية، وهو (يضحك) بملء فيه. نعم، إسماعيل هنية بدا ضاحكاً لأول مرة، وهو الذي كان لا يظهر مبتسماً إلا في القليل النادر، والنادر جداً. بل إن صورته النمطية قد ارتسمت في الأذهان على هيئة لوحة سريالية، تخلط بين الصرامة والجدية والعبوس المُتخشّب ونزق الأغرار. لا شك أن هذا الضحك الهستيري، ناتج عن فرح وابتهاج غامر بالنصر المبين، بالنصر الذي استطاع حلحلة تلك القسمات العابسة اليابسة؛ فاستحالت فيضاناً من البسمات، بل والقهقهات. وطبعا، كل هذا الابتهاج والسرور والحبور، غمر به شاشات الفضائيات؛ دون حديث جِديّ عن الضحايا المدنيين الأبرياء. بينما كنت أراقب قهقهات إسماعيل هنية، لا أدري؛ لماذا تذكّرت الخليفة غير الرشيد: هارون الرشيد، وأيام الأفراح والليالي الملاح في بغداد؟!. كان هارون الرشيد إذا جلس على العرش الإمبراطوري، يُوضَع النطع (= الجلد الذي تتم عليه عملية الإعدام؛ حتى لا يتلوث البلاط بالدماء) بين يديه، ويقف: مسرور الخادم (= مسرور الخادم: هو السياف المكلف بقطع رؤوس المغضوب عليهم في حضرة الخلافة المقدسة) شاهراً السيف، مستعدًا لغمزة من عيني هارون الرشد؛ ليطيح برأس هذا المسكين أو ذاك. كانت هذه هي هيئة المجلس المعتاد ل( الخليفة): هارون الرشيد، وكان (الأصمعي: مُهرّج البلاط) يحضر إلى البلاط، مُحمّلاً بكثير من النوادر والغرائب والنكات. كان الأصمعي يلقي نكاته وطرائفه بين تلك اللحظات التي يتم فيها قطع الرؤوس بالفؤوس، وكان الخليفة ينفجر ضاحكا، ويهب الأصمعي عشرات الألوف من الدنانير الذهبية. أحيانًا يستغرق الخليفة في الضحك، حتى (يستلقي على ظهره ويفحص الأرض بقدميه؛ كما يروي بالنص الأصمعي صاحب النكات). الخليفة يفعل هذا من شدة الضحك. ولك أن تتخيل الخليفة كطفل قد استلقى على ظهره، يقهقه؛ حتى لا يستطيع التحكم بحركاته، ولا ضبط أعضائه. لا أدرى لماذا حضر إلى ذهني هذا التاريخ بتفاصيله؛ بينما كان إسماعيل هنية يضحك على شاشات المصورين عقب كل هذا الدمار؟. المهم، أن هناك تأكيداً حمساوياً على الانتصار؛ رغم كل هذا الدمار. وليست هذه البسمات والضحكات إلا تعبيرا عن هذا الانتصار الذي يجري تأكيده بعناد واستمرار. وحقيقة؛ لا أدري ما هي معايير الانتصار لدى حماس؛ حتى تدّعي الانتصار. إذا كان ما حدث من دمار هائل وضحايا بالآلاف، تكبدها أهل غزة، مقابل أقل من واحد بالمائة في صفوف العدو، إذا كان هذا انتصارا، فلا يوجد في الدنيا كلها هزيمة، وجميع حروب التاريخ هي انتصارات لجميع الأطراف. بل تصبح معركة (أُحد)، التي سمّاها الله عزّ وجل في كتابة: (مصيبة) و(قرح)، أي: هزيمة؛ حيث وصف الله عزّ وجلّ المسلمين حال هروبهم وانكسارهم فيها أبلغ وصف، ليست هزيمة، بل هي نصر؛ لأن الهزيمة حسب التعريف الحمساوي /الإسلاموي/ العروبوي لا بد لها من خضوع تام لشروط الاستسلام. لا أدري لماذا يكذب العرب؟ ولماذا يصرون دائما على الكذب، بل يصرّون حتى على الكذب المفضوح؟. حرب 1956م جعلوها انتصاراً؛ مع أنها هزيمة ساحقة، وحرب 1967م سموها: (نكسة) هروباً من لفظ (الهزيمة)، بل الهزيمة الساحقة الماحقة، وحرب 1973م التي انتهت بهزيمة صريحة، اعتبروها أعظم (انتصاراتهم)، وحرب 2006م التي دُمّر فيها الجنوب اللبناني، منحوها لقب:(النصر الإلهي)، و أخيرًا حرب غزة، التي دُمّرت فيها غزة، أعلنوها: (معركة الفرقان). والأغرب من كل هذا، أن الجماهير تكوّنت لديها بفعل اقتياتها الطويل على مثل هذا الكذب وتشبعها به القابلية للتفاعل مع اللامعقول السياسي، وامتلكت بالمقابل حصانة وجدانية؛ تمنعها من رؤية الوقائع العينية كما هي عليه في الواقع، وليس كما تصنعها الأماني والأحلام والشعارات الكاذبة. الشعارتيون العروبويون، والإسلامويون الحركيون، زايَدوا على حماس في قلب الهزيمة الساحقة إلى نصر مُبين. لقد بدأوا والدماء الفلسطينية لم تجفّ بعد في الحديث عن النصر التاريخي، وعن اندحار العدو، وعن التأييد الإلهي لحماس!. والغريب أن هذا التأييد الإلهي المزعوم، لم ينكأ العدو شيئا، وإنما منحه فرصة استباحة غزة لأكثر من عشرين يوما!. إذا كان هؤلاء يرون أن ما حدث خلال العشرين يوما، كان نصرًا مبينًا؛ فلماذا لا يتضرّعون إلى الله، أن تمتد الأيام (أيام النصر المبين !) شهورا، والشهور سنوات؟ إنني أسأل أولئك الذين يباركون لحماس النصر من على بُعد آلاف الأميال: لماذا لا يسألون الله أن يذيقهم (النصر!) الذي ذاقه وتجرّعه أهل غزة طوال أيام الحرب؟، لماذا لا يسألون الله أن تحلّ هذه (النعمة الإلهية!) عليهم في ديارهم؟، لماذا لا يدعُون الله قانيتين أن يديم هذا النصر، ويعيده أعواماً عديدة، وسنوات مديدة، ويعم به كل بلاد المسلمين؟. طبعاً لا يستطيعون فعل ذلك؛ لأنهم كاذبون, ويعلمون أنهم كاذبون. فطوال أيام الحرب، كانت حماس تشكو إلى العالم كله ما يُحدثه العدوان عليها(حماس تصفه بالعدوان؛ لأنها تراه هجوما من طرف واحد. فإذا كان كذلك؛ فكيف يكون النصر؟ هل هو نصر مُتلقّي الضربات!) من أضرار كبيرة، بشرية ومادية. كانت حماس تهاجم العرب الذين لم يقفوا معها في كل خياراتها وحماقاتها، وتعطى إيحاءات مباشرة، أن ما يجري في غزة إبادة؛ إبادة تستلزم التدخل العاجل من كل المُهتمّين، من عرب ومسلمين. إذا كان الأمر على هذا النحو؛ فأين هو النصر؟ المنتصر لا يطالب بوقف الحرب، ولا يجأر بالشكوى، ولايستنجد بالبعيد والقريب، ولا يستعرض أشلاء ضحاياه على شاشات التلفزة إلى درجة المتاجرة العلنية بها ؛ مستدراً بها العواطف، ومستجديا بها الضمير العالمي. فالمنتصر يُفتَرَض أنه في موقف قوة، يُعين ولا يُعان. لقد وقعت حماس في تعارض فاضح؛ لأنها تريد الجمع بين متناقضين، تريد أن تجمع بين تأكيد(أوهام) النصر لجماهيريها في الداخل والخارج، وتريد في الوقت نفسه أن تربح من المأساة، وأن تتلقى دعما بحجم اتساع وعمق هذه المأساة الإنسانية في غزة. عند الحديث عن النصر؛ تؤكد حماس أن العدو لم ينل شيئا ذا بال، وأنه انكفأ مدحورًا. لكنها عند الاستعطاف وطلب الغوث واستجداء العالم للتدخل السريع تؤكد شمولية الدمار وفضاعته، ومأساة الإنسان المتناثر على هذا الدمار. حماس تبتهج هنا، وتعلن الفرح، وترفع يافطات النصر، وتدعي أنها فعلت بالعدو الأفاعيل. لكنها في موضع إعلامي آخر تنوح، بل وتُعوِل بالنواح، وتدعي أن ما حدث في غزة مأساة لم يشهد التاريخ لها مثيلا. هكذا بكل مبالغة مجّانية تقول حماس هذا. وتنسى أن معنى هذا الكلام كمقابل نصي له أن هناك هزيمة لم يشهد التاريخ لها مثيلاً. أمامنا إذن (حماس المنتصرة) التي لم تضرّها الحرب شيئاً، و(حماس المهزومة) التي تعاني من جحيم الاعتداء. هل نصدق (حماس الأولى: المنتصرة)، أم (حماس الثانية: المهزومة)؟ أيهما الذي يعكس حقائق الواقع، المنتصر المبتهج، أم المهزوم المستغيث؟ هل هناك حماس أخرى، غير حماس التي هُزمت تحت أنقاض غزة؟ وإذا كانت حماس قد انتصرت كحركة بمجرد أن خرج قادتها من تحت أنقاض المعركة سالمين، فهل انتصرت غزة المنكوبة بالعدوان وبحماس أولا؟ هل حماس هي غزة، وغزة هي حماس؛ على لغة لويس الرابع عشر، حينما قال: أنا الدولة؟. طبعاً، لا يعني التفريق هنا، أن حماس قد حققت شيئاً من النصر، بل ولا حتى وهم نصر. لم تنتصر حماس، وغزة قد دُمّرت. لكن، هذا لا يحل الإشكال الذي تطرحه كل هذه الأسئلة، وكل هذه التناقضات التي تلتقي في سؤال واحد: كيف انتصرت حماس؟ هل قرر مجمع اللغة العربية سّراً وضع كلمة: (نصر) مكان كلمة: (هزيمة)، فأصبحت حماس تعلن عن عُمق جُرح الهزيمة الساحقة بكلمة: (نصر)، أم حدث تغيير في الواقع، فأصبح الدمار يعني التعمير، والموت يعني الحياة ...إلخ؟. اللغة هي نظام العقل، وحين تضطرب اللغة يضطرب العقل، أو يصبح الاضطراب دالاً على اضطراب العقل؛ على خلاف بين الباحثين في طبيعة العلاقة، ودرجة التلازم. ربما لم تصل حماس بعد إلى درجة فقدان العقل بشكل كامل. لكن حماس مازالت تقرر النصر وتؤكده؛ لأن الدعاية الحركية لا بد أن تفعل ذلك، ولو على حساب البدهيات العقلية والواقعية. كما أنها تفعل ذلك؛ لأن معاييرها في معاينة وقائع الصراع معايير خاصة، بل وخاصة جدا. وفي ظني أن حماس تطرح (وهم) النصر بالاستناد إلى ما يلي من معايير حمساوية خاصة بها؛ دون غيرها: 1 بقاء حماس في السلطة داخل نطاق غزة. وهذا بلا شك هدف قد تحقق لحماس، ولكن بثمن غال من دماء الأبرياء في غزة. فمهما كانت التضحيات حتى ولو من قبيل التضحية بكوادر حماس الميدانية فمجرد البقاء في السلطة يُعدّ نصراً حمساوياً مجيداً. وهذا يؤكد ما سبق من أن حماس تفصِلُ فصلاً واضحاً بين أهدافها الخاصة، وبين أهداف سكان غزة الأبرياء. فإذا تحقق هدف (مشعل) و(هنية) و(الزّهار)؛ فلا يَهُمّ أن تُبادَ غزة عن آخرها. هذا الفصل بين حماس ككيان وبين الغزاويين، يعترض عليه مشايعو حماس، ويؤكدون أننا لم نسمع اعتراضاً من أهل غزة على الحرب، وأننا لم نجد من يُصرّح بأن حماس أخطأت حسابات الحرب، وأن الحرب يجب أن تتوقف. لكن، هذا الصمت الذي يُوحي بعدم الاعتراض المباشر على الحرب ليس دليلاً على حجم التأييد لحماس؛ بقدر ما هو دليل على مستوى القمع الرهيب الذي لا يسمح حتى بالحد الأدنى من الاعتراض. إن من المؤشرات العامة على القمع الديكتاتوري في أي بلد، أن يظهر المجتمع المحكوم بسلطة ما؛ وكأنه مؤيد بالمطلق، وبكافة أطيافه، لخيارات السلطة الحاكمة. الإجماع لم يتحقق حتى للأنبياء، فقد وجدوا حتى من أتباعهم المؤمنين بهم، فضلاً عن غيرهم من يطرح وجهة نظر مخالفة لما يطرحونه في السياقات المدنية. ولم يكن هذا الاعتراض إلا دليلاً على أن الأتباع إذا أيدوا؛ أيدوا بالاختيار، وليس بالقهر ولاضطرار؛ كما يفعل الغزاويون المؤيدون تحت نير الاضطهاد الحمساوي. صمت أهل غزة عن الاعتراض خوفاً ورعبًا من مليشيا الموت الحمساوية. لكن هل كان ذلك الصمت كاملاً، أي صمت مقالٍ وصمت حالٍ أيضا؟. في الواقع؛ لم يكن الصمت صمتًا تمامًا. ففضلاً عن كون الصمت بحد ذاته علامة (سيميائية ) ناطقة؛ لها دلالتها الخاصة، لم نجد الصمت شاملاً لكل وجوه الصمت، بل ربما كان الاعتراض اللامباشر، هو الموقف العام لأهالي غزة جميعا. فالذين يبكون وينوحون ويشكون بملء حناجرهم وبكل دمائهم وجراحاتهم وأشلائهم لكل وسائل الإعلام، هم لا يقولون: مرحباً وأهلاً وسهلاً بهذه الحرب. قادة حماس وحدهم هم الذين يقولون: مرحبًا بهذا الدمار، ونحن مستعدون للاستمرار؛ ولو أبيدت غزة بالكامل. إذن، فهذا المعيار خاص بحماس، وهو معيار لا تدخل فيه حسابات القضية الفلسطينية؛ فضلاً عن الإنسان الفلسطيني. ويمكن أن يَدخُل في هذا (المعيار الحمساوي) للنصر، أن حماس قاست النصر بعدد الضحايا من كوادرها فحسب؛ دون اعتبار لبقية الضحايا. وكما سبقت الإشارة في مقال سابق، فقد وضعت حماس (48) قتيلا من كتائب القسام، مقابل ( 49) قتيلاً من جنود إسرائيل. فخرجت حماس بهذا المعيار الخاص والغريب واللامعقول منتصرة بفارق جندي واحد!. وهذا المعيار لا يفرق بين حماس وبين أهالي غزة فحسب، وإنما يفرق أيضا بين كوادر حماس، وبين أتباع حماس من المدنيين؛ غير المُنضَوين في سلك الميليشيا الحمساوية المسلحة. فالمدنيون وإن كانوا حمساويين ليسوا داخلين في الحساب الحمساوي لثنائية: النصر والهزيمة. 2 المعيار الثاني للنصر، الخاص بحماس، أن القوات البرية الإسرائيلية لا بد أن تجتاح كلّ غزة، شبراً بشبر، وذراعا بذراع. وإذا لم يتحقق ذلك؛ فهو بالمعيار الحمساوي هزيمة لإسرائيل، ونصر مبين لحماس؛ لأن هذه القوات لو كانت منتصرة فعلا؛ لتغلغلت في كل الأزقة والحارات الداخلية، بل وفي كل البيوت أيضًا. هكذا تضع حماس معيارًا للانتصار خاصاً بها. وهو معيار لا يُعرف في أي معادلة عسكرية أو سياسية في القديم أو الحديث. فإنهاك الخصم ليس حتماً أن يتم ضمن شروط الطرف المقابل، وإنما يكفي أن يتم إلحاق الضرر والخسارة الكبيرة ماديًا وبشرياً ومعنوياً بالخصم؛ بأدنى حد ممكن من الخسائر الذاتية. وسواء تم هذا بالطيران، أو بالصواريخ العابرة للقارات، أو بالحصار، أو بالتهديد، أو بالاجتياح البري، فهو نصر. وليس المهزوم هو من يحدد الآليات التي يجب أن يستخدمها المتفوق عليه؛ فيطالبه باستخدام هذه الآلية ويأمره بترك الأخرى. بل إن استخدامها خاضع لحسابات واعتبارات خاصة، يحددها من يمتلك بما لديه من قوة توجيه القرار . 3 الظفر برضا الداعم الأساسي (= إيران). فإذا رضيت إيران عن سير المعركة سياسياً وعسكرياً، وطلبت بالأمر الاستمرار فيها، ووعدت بالدعم، بل وإذا هي! اتخذت قرار الحرب؛ فحينئذٍ يكون (النصر) قد تحقق؛ حتى قبل أن تبدأ المعركة. والنصر هنا ليس دحرًا إسرائيل، ولا ضمانا لسلامة الأهالي في غزة، وإنما هو الفوز برضا الملالي في طهران، ومباركة الولي الفقيه. ولا مانع حينئذٍ من أن تباد غزة عن آخرها (كما يقول إسماعيل هنية)؛ ما دام المُرشد العام للثورة الإيرانية سيرضى تمام الرضا، وسيقدم الدعم والوهم، وسيؤكد النصر المبين بخطبه وخطاباته الفارسية لغة ومضمونا. لهذا، فبمجرد انتهاء الحرب، حزم الإيراني: خالد مشعل حقائبه، وتوجّه حاجّاً! إلى طهران، حيث قدّم (النصر!) هدية للولي الفقيه، ومنحه لقب: أمير المسلمين؛ تقديرًا لموقفه، وثمناً لدعمه السخي. وبما أن خالد مشعل يعد نفسه مسلماً قبل كل شيء، فإنه لم يقدم هذه الهدية؛ إلا ليؤكد أن مرشد الثورة الإيرانية هو أميره حقيقة. والمسألة هنا ليست مزاحاً أو مجاملة سياسية، وإنما هي (بيعة) صريحة واضحة من قائد حماس لقائد الثورة. وقد فهم العالم كله معنى هذه البيعة، وأنه تعني التبعية السياسية الكاملة. وإذا كان بعض المتعاطفين مع حماس لم يصدق قبل حادثة البيعة هذه أن القرارات الخاصة بغزة، بل وبتفاصيل الإجراءات في غزة، تُتّخَذ هناك، في طهران، فقد وضع الإيراني: خالد مشعل النقاط على الحروف؛ حينما لم يكتفِ بتنصيب مرشد الثورة قائداً أعلى لحماس، وإنما زاد في تكريمه دون تفويض من أحد فمنحه لقب: أمير المسلمين.