الجهود التي تبذلها رئاسة الحرمين الشريفين، بالتعاون مع الجهات الأمنية والمختصة الأخرى، في إدارة الحشود داخل الحرم المكي الشريف كبيرة ومقدرة، ويلمسها أي معتمر أو زائر للحرم، لكن هناك هامشيات صغيرة تكاد تذهب بعض نصاعة الصورة، وكما أن الخوافي قوة للقوادم، فإن سرعة التعاطي مع هذه السلبيات تقضي على كل نقص قد يطرأ على أي خدمة نتشرف جميعا، مواطنين ومسؤولين، بتقديمها لزوار بيت الله الحرام. مستوى النظافة في رمضان هذا العام لم يرق لمستوياته السابقة، العذر هو أعمال التوسعة والتطوير الجارية، وهو عذر سيتكرر في معظم الملاحظات التالية، إلا أنه برغم وجاهته يمكن التعامل مع ظرفه بطريقة أفضل في التوقيت والتنظيم والجدولة. اتجاوزه إلى مشكلة زحام الطواف، لصحن الطواف قدرة استيعابية معلنة، لوحات الإرشاد عن درجة الازدحام لا يلتزم بتطبيقها المكلفون على أبواب المسجد الحرام، تتدفق الأعداد إلى الصحن من خارج المسجد وداخله، ولا أرى ما يمنع تنظيم مدخل بداية الطواف في الصحن وفي الجسرين حول الكعبة وفي الأدوار العليا للحرم، أن يقف الناس في صفوف يسمح لهم تدريجيا ببداية الطواف حسب الطاقة الاستيعابية لصحن الطواف أو جسره عند نقطة بداية الطواف، بقليل من الملاحظين حول المطاف يمكن تنظيم وتقنين ذلك بدلا من تطاحن مزعج أثناء الطواف يذهب الخشوع ويقطع الدعاء. ملاحظة أخرى رخام الصحن تحت الجسر الدائري لا يبدو مستويا، ولا أعلم هل قصدا وما الحكمة. عربات الطواف لكبار السن والعجزة، تحتاج تنظيما أكبر، اختفت الكثرة السابقة للعربات واختفت العربات ذاتية الدفع ونقص عدد المتطوعين أو المؤجرين للدفع، فهل اقتصرت الخدمة على أدوار معينة بالمسجد الحرام، مرة أخرى لم؟ تولد عن ذلك سوق خفية تنتهز فرصة نسيان البعض لهويات يمكن رهنها لاستخدام العربة وبأسعار فاحشة، وعليك البحث وسط الزحام عن متبرع أو بأجر يدفعها. النوم بالحرم أصبح ظاهرة، وفي أوقات ليس بها انتظار لفرض أو نافلة، السابعة صباحا مثلا تجد الساحات الداخلية وقد فرشت بالنائمين، وجد سابقا من كان ينبههم أن المسجد للصلاة وليس للنوم، وإن كانوا عاكفين فيوجهون إلى أماكن الاعتكاف حسب طاقتها، بل إنك قد تجد نائما عند مدخل أحد الأبواب الرئيسة (الملك عبدالعزيز مثلا) عندما تفيض بهم الساحات الداخلية في ظاهرة غير دينية وغير حضارية ولا صحية. الأماكن المخصصة لصلاة النساء أضيق من أن تسعهن، وتظهر وكأنها جزر محاطة بمجاميع الرجال، ما المانع لو يخصص لهن أماكن في شكل مثلت ممتد حتى أطراف الصحن عند باحة كل مدخل، ويتخللها بالطبع معابر للمرور بين جوانب الحرم كما هو معمول حاليا، هذا يكفل للسيدات الصلاة براحة بعيدا عن الرجال، ويكفل لهن التمتع برؤية الكعبة المشرفة أثناء الصلاة.