أيهما أكثر وفاء الرجل أم المرأة؟! هذا هو أغبى سؤال يسأل، وأغبى منه هو الجواب على هذا السؤال، ومثلما يقول المثل: عند العقدة (يحتار) النجار، ورغم أنني لست بنجار فمازالت الحيرة تكتنفني، ولكنني أظن ولست متأكدا من ذلك أن الرجل أكثر وفاء من المرأة، خصوصا بعدما قرأت عن الحادثة التالية: كان البريطاني (آلان كروتي) في مقتبل العمر، لم يتجاوز ربيعه ال21 عندما عرض الزواج على (كاثي روبرتس) يوم عيد ميلادها الثامن عشر، غير أن فرحة الشابين لم تعمر طويلا إذ حالت ظروف طواها الزمن دون إتمام الزواج. افترقا إلى أن جمعهما القدر ثانية بعد 45 سنة، إذ التقيا صدفة في حفل لصديق مشترك وقد بدا لهما وكأن الزمن عاد بهما إلى تلك السنوات البعيدة، منذ تقدم كروتي لخطبة كاثي للمرة الأولى، وقد رفض هو الزواج من أي امرأة أخرى، وبقي على يقين بأن كاثي ستكون زوجته يوما ما. أما الشابة فلم تستطع البقاء على زواجها من رجل آخر أكثر من عشر سنوات تطلقت بعدها. يقول العريس كروتي، وقد بلغ من العمر 66 عاما: لقد انتظرت طويلا ولكنني لم أفقد الأمل، لقد احتفظت بخاتم الخطوبة منذ 1968، وقد جاء اليوم الذي أضعه في إصبعي. انتهى. وحصل عندنا حادثة مشابهة مع الفارق، وسبق لي أنا شخصيا أن عايشتها، فقد عرفت رجلا من البادية توفاه الله قبل سنوات، ذلك الرجل لم يكن يمتاز سوى بثلاثة أشياء: طول (الخشم) المفرط الذي يزيد في طوله عن خشم الجنرال الفرنسي (ديغول)، والثاني عشقه لفتاة طارحها الغرام وهما في (الطعش)، والثالث تقمصه لشخصية (قيس بن الملوح) وتدبيجه لها بعشرات قصائد الغزل الرديئة، وعندما خطبها رفض أهلها تزويجها له، على أساس أن ابن عمها حاجزها و(محيرها) له. ولوفائها رفضت الاقتران بولد عمها، وبالمقابل رفض هو لشدة وفائه الاقتران بغيرها، ومر عليهما وهما على هذا الحال من الوفاء أكثر من (40) سنة، إلى أن توفي ابن العم، بعدها تزوجا. ولم يمر عليهما أكثر من ثلاثة أشهر حتى تطلقا بعد خناقة وصلت إلى عنان السماء، أهم ما فيها أن خشمه الطويل قد كسر بعد أن (هبدته) هي بيد النجر النحاسية الثقيلة. ومازلت أتذكر (اللبادات) على خشمه، فزادت من طوله طولا. هل تصدقون أنني وأنا أكتب هذه الكلمات الآن تخيلت لو أنني كنت في مكانه لا سمح الله، وأخذت لا شعوريا أتحسحس على خشمي العزيز لأطمئن أنه مازال في مكانه، لأن للأسف ما عندي خشم غيره، ياليت عندي ثلاثة أو أربعة كان ضحيت بواحد منها على الأقل، لأي متوحشة هوايتها كسر أو عض الخشوم، أو الأخشام، أو الخشاشيم لا أدري أيهما الصح -؟!-.