كانت السيدة(ام محمد) من مدينة حفر الباطن (الصابره) وتحملت ماأمليء عليها وتفرضة العادات والتقاليد البدوية ماتأمر به وتنهي إفرازات سلوكيات تقليدية سائدة في بوادي مجتمعاتنا، حيث زوجوها أهلها أبن عمها (عواد) زواج تقليدي حسب العرف القبلي وكانت تحترمه كابن عم لأنه رجل كريم وشجاع وذو سمعة طيبة وسلوك حميد ودمث الأخلاق وهاديء الطباع وحسن السيرة، ولكنها لاترغب به كزوج وشريك حياة، ولاتميل له كقرينه وبعد زواجها برغبه أهلها وأهله وانجبت منه عدة أطفال ذكور وأناث، وظلت لفترة طويله وهي تصارحه عدم رغبتها به وعدم رضاها لتلك الزيجة غير المقتنعة بها والعلاقة التقليدية التي فرضت عليها مرغمه وهي تتذمر من عدم الرغبة والإنسجام معه كزوج وشريك حياة ولكنها تحترمه جدا كشخص آخر، ويحاول أقناعها بان هذه قسمتنا ونصيبنا ونحن أقرباء ولبعضنا سوف نظل ونعيش رغم عدم الرغبة من طرفها والرغبة من طرفه هو لأنه يحترمها ويقدرها جدا لأنها أمرأة عفيفة وست بيت محترمة وواعية، وقد حاولت أن تتركه وتفارقه أكثر من مره حتى وبعد أن رزقت منه عدة أولاد ولكن هو وأهلها يثنونها عن عنادها ويعيدونها الى بيت الزوج مرة أخرى ويقنعونها بان هذا نصيبها من الدنيا. وشاء الله سبحانه أن يحصل لزوجها إياه حادث مؤسف مابين المملكة والكويت، ويتسبب له الحادث الشنيع بإعاقة تامة وشلل نصفي وظل مقعدا على الكرسي، حيث زرته وهو مقعدا على كرسي متحرك وتأثرت بوضعه الصحي كثيرا حينها حيث انني أعرف أيضا ظرفه العائلي سابقة الذكر، وحين رأى الزوج حالته اليائسة وهو مقعدا وجالسا على الكرسي لايستطيع الحركة ولايستطيع القيام بدوره كزوج تجاه زوجتة لتلك الإنسانة المضحية التي تحملته على مضض لفترة طويلة لاتحبه وهو كان بكامل قواه وكامل بنيته الجسمانية قبل الحادث الذي أقعده على الكرسي المتحرك، بادر مبادرة إنسانية وشجاعة ولطف منه ووفاء لها لتلك الفترة التي مضت وطلب بأنها تتركه وتذهب لأهلها ويخلي سبيلها ويطلقها ويتركها لتبحث عن نصيبها من جديد على اعتبار إنها أمرأة شابة في مقتبل عمرها ومن عائلة محترمة وهي مازالت في عنفوان شبابها، وأن تتركه وأولاده ليبقى على وضعه وماكتب الله له بهذه الحالة الصحية المزرية اليائسة ويتم الفراق بينهما، وقد شاورها بالرأي وابدى رغبته بالفراق حتى لايتحمل مأساتها ولايستطيع ان يتحمل مايقع عليه من أزمة ضمير ويتم طلاقها وأخلاء سبيلها لكي لايكون عبئا وثقلا عليها أكثر مما كان. وحين سمعت منه هذا الكلام المؤثر الذي ينم عن موقف مشرف ورجل شجاع وإنساني ونبيل وهو يتوددها بالموافقة وبان تتركه بحالة وتطرد نصيبها من جديد من أي شخص ربما يعوضها عنه ويسعدها على ما أبتليت به من مأساة وظروف قاهرة وصعبة صبرت عليها، أثار حفيظتها هذا الكلام الذي ينم عن موقف رجل نبيل ووفي وإنساني، أدركت حينها إنها لابد أن تبادر هي بنفس الموقف الإنساني وأكثر نبلا ووفاء، ورفضت العرض وقالت له يابن عمي (ابومحمد) كنت أحترمك كأبن عم ولكني لا أرغبك كزوج أو شريك حياة وكنت اتمنى ان تترك سبيلي في اي لحظة لأكون سعيده بفراقك لأطرد نصيبي مع شخص آخر ربما انسجم معه أو أجد الرغبة فيه وكنت لا أستطيع العيش معك كزوج ابداً في تلك المرحلة، ولكن الآن بعد ان حصل معك هذا الحادث المؤسف وأنت مقعد الآن، وابا لأولادي وقريبي وابن عمي سوف اجلس معك طوال العمر حتى يفرقنا القبر، أنا اموت أو انت وهذا عهد علي وقد تأثر بها الموقف الإنساني العظيم من زوجته الوفية المخلصة التي بادرته بموقف اقوى وأصلب وأنبل من موقفه السابق الذي تفاجأ به، فطلب تقبيل رأسها واثنى عليها ثناء طيباً وعطراً وخففت عن مصابه واصبح يحبها أكثر من مضى واصبحت تداريه كالأم تنحني امام رجليه وتطعمه وتناوله العلاج بيدها وتحضنه وتغسله وتنظف ملابسه وتعالجه وتداويه وتشرف على رعايته الصحية رعاية تامة بنفسها حتى توفى (يرحمه الله رحمة واسعه) وحتى بعد وفاته، أعيدت لها الكرة مرة ثانية، قال لها أخوته وأهلها بانك مازلتي شابة وتمتعين بسمعة طيبة واصبحت مثلا طيبا عند أقربائك، وأطفالك مازالوا صغار وزوجك توفى ممكن ان تتزوجين مرة ثانية من رجل يعوض لك مافقدتيه من احتياج المرأة للرجل لأنك تحملتي مالا طاقة لك به من معاناة ومأساة وحرمان، فرفضت رفضا قاطعاً بقولها لقد سبق لي أني عاهدت زوجي (عواد) اني لن أتركه وحيدا ولم يفرق بيينا بعدالحادث الذي أصابه إلا القبر، وهذا ماحصل فتوفاه الله وهو أرحم الراحمين والرازقين، وأنا سوف أمكث في بيته حتى يكبرون أولادي ويتعلمون ويتوظفون وعهدا على نفسي لم يمسنى أحد إلا (عواد) الذي رحل عنا الى جوار ربه والذي كنت أريد فراقه قبل الحادث المؤسف المفجع الذي تعرض له قبل الموت، لكن بعد حادث الإعاقة وجلوسه على الكرسي عطفت عليه وحبيته وتعلقت به وهذا أمر الله وقضاه وهذا نصيبي وماكتب علي. بارك الله لهذه المرأة التي ثابرت وضحت وعوضها الله باولاد رجال مخلصين ومهذبين يشار له بالبنان بين جماعتهم وأقرانهم، لمايتمتعون به من خلق عالٍ وسلوك طيب وذكاء وفطنه وبرحمة وبر لوالدتهم الوفية المحترمة. أم محمد أكثر الله من أمثالك النساء الطيبات الوفيات المخلصات، وهذا نموذج مشرف ومشرق للمرأة التي لاتتخلى عن زوجها وقت الشدائد والمحن وتتحلى بالصبر الجميل للتغلب على المحن. وجزاك الله خيرالجزاء وللراحل (عواد) العفو والمغفرة والرحمة إنشاء الله..