عرف الباحثون في علم النفس «الدافعية» عدة تعريفات من بينها: «أنها القوة الذاتية التي تحرك سلوك الفرد وتوجهه لتحقيق غاية معينة يشعر بالحاجة إليها وبأهميتها المادية والمعنوية. بالنسبة له..». ويصف «مكليلاند» دافع الإنجاز (بأنه تكوين ذاتي يتضمن الشعور المرتبط بالأداء، وأن هذا الشعور يتضمن جانبين هما: الأمل في النجاح والخوف من الفشل، وأن ذوي الدافعية المرتفعة للإنجاز يميلون بكثير من الإصرار والإتقان لبذل جهد مضاعف. ما سبق هو جزء لا يتجزأ من مسلمات علمية تطغى على ما سواها من تنظير يخالف فحواها وحقائقها. وما يتجسد على أرض الواقع من شواهدها في مختلف المجالات، ومن بينها المجال الرياضي «الذي يعنينا هنا». على مستوى كافة ألعابه التنافسية وعلى وجه الخصوص لعبة كرة القدم. ولعل من بين أبرز الشواهد وأكثرها وضوحا وتكرارا على مستوى منافساتنا في لعبة كرة القدم ما «تفاجئنا» به فرق أنديتنا الرياضية «المحترفة» دون استثناء، من نتائج متباينة وغير متوقعة، وبما يفوق ويتجاوز مقولة: «كل شيء متوقع في كرة القدم». نعلم ونسلم بأن كرة القدم لم تعد مجرد لعبة لتزجية الوقت، بل عالم يعتمد في بلورة طموحاته وترجمة خططه وأهدافه على أدق وأحدث الدراسات والنظريات العلمية التي بها ومن خلالها تحولت هذه اللعبة «هناك» إلى صناعة واقتصاد فاعلين، ولم يكن لهذه اللعبة بلوغ هذا التحول وإحداث هذه النقلة النوعية والإسهام الإيجابي والمؤثر على ذلك النحو، لو لم يتوفر للعبة نفسها كل وأجود الاحتياجات التي تكفل لها ديمومة الإمتاع والإبهار والجذب، وما يهمنا من بين هذه الاحتياجات (في هذا التناول)، ما يتم غيابه أو تغييبه على مستوى أنديتنا الرياضية «التي توصف بالمحترفة»، وخاصة القلة القليلة منها وهي التي تحظى من مسيريها المقتدرين ماليا بما لا يتوفر لسواها من بذل، إلا أن ما يؤسف له أنه برغم التسليم بدور العلم والدراسات والبحوث في النهوض ببرامج وخطط هذه اللعبة، وكذلك في التغلب على ما قد يعتري بعض الفرق من «تذبذب» أو نتائج سلبية لافتة تتنافى مع هول ما يبذل عليها من أموال وتتخم به من اللاعبين...، برغم كل هذا عوضا أن يسخر أي جزء من هذا الإنفاق المادي في استقطاب مختص أو متخصص في تحليل وتشخيص ومعالجة مثل هذه الأزمات بأسلوب علمي، نجد أنه يتم إنفاق أضعاف مضاعفة من الأموال في حلول «اجتهادية» أبعد ما تكون عن جوهر العلة فيتضاعف الهدر ويزداد الطين بلة. والله من وراء القصد. تأمل: الهزيمة حالة عارضة لكنها تتحول مع انعدام الدافعية إلى حالة دائمة. فاكس 6923348