تتبع كثير من البنوك المركزية في بعض الدول الأجنبية سياسة متناقضة ومغايرة لما يدعو إليه المجتمع الدولي، وذلك بهدف الحصول على التمويل اللازم والمطلوب، ومن بين هذه السياسات تمويل مناطق التوتر وفي أحايين يمكن أن تصنع في هذه المناطق بؤرا لنشوب التجاوزات الدولية، واللافت أنها تقوم بهذه الأعمال ولو على حساب القيم الإنسانية وعلى حساب تمويل العدو ضد الوطن الأم. في عام 1942 قام أحد المصارف بنيويورك بتمويل آلة الحرب العالمية الثانية ضد البلاد التي يتخذ منها مقرا له، حيث قام نائب الرئيس التنفيذي آنذاك للبنك والمسؤول عن ملف قضية التورط بخيانة تمويل العدو ضد بلاده، وواجه المصرف عقوبة الإغلاق ومصادرة جميع الأموال لصالح حكومة البلاد كما مولت إحدى الشركات المتخصصه في النفط شراء وقود خاص لأسطول الطائرات الحربية من قبل شركة أخرى متخصصة في صنع مادة أساسية تضاف لوقود الطائرات بصفقة بلغت قيمتها آنذاك ما يقارب 20 مليون دولار، أتاحت من خلالها للطائرات التحليق فوق إحدى العواصم الأوروبية لتدمرها بالكامل دون أخذ أي خطوة رادعة من الحكومة الحليفة ولم تحاول إيقاف الصفقة ومعاقبة الشركتين المتورطتين، علما بأن إحدى هذه الشركات كانت الشريك الاستراتيجي والتي تدفع تمويلا بنحو 84 في المائة. كل هذه التجاوزات تحدث بهدف الحصول على التمويل، حيث اعتادت كثير من البنوك الغربية على بناء نموذج ربحيتها على أساس تمويل الحروب الطويلة واستصناعها دون الأخذ بأي قيم أخرى وتجاهل تام لقيمة الإنسان الذي يريد أن يعيش في حالة من العيش الكريم، كما تسوق لها بعض الحكومات، وتدعي أنها تسعى إلى نشر رسالة ديمقراطية وتطالب الآخرين باحترام حقوق البشر والإنسانية. كان بالإمكان إنهاء الحرب العالمية الثانية بشكل أسرع لو تم قصف دول أخرى أولا إلا أن السياسة المستهدفة والممولة من قبل البنوك المركزية الغربية، فلذلك تم ضرب أكبر عدد ممكن من الجزر النائية في المحيط االهادي بغرض إطالة مدة الحرب وزيادة تكلفتها، حيث إن القاعدة العامة في استرجاع قيمة قرض تمويل الحرب كانت إضافة هامش ربح 10 بالمائة فوق مبلغ التكلفة الفعلية. في الوقت الحاضر نرى هناك مناطق ودولا تمر بمرحلة صعبة من حيث التوترات، فهل هي مستهدفة من قبل البنوك المركزية الغربية، وتهدف الى إنشاء حالات من التوتر في تلك المدن أو المناطق، هناك دلالات تشير الى مثل هذه الأعمال، خصوصا إذا ما نظرنا الى المناطق المحيطة بالدول المنتجة للنفط والغاز وخاصة في الدول المصدرة له ومنذ سنوات طويلة مثل فنزويلا ونيجيريا وغيرهما من دول الشرق الأوسط، وظهرت مؤخرا حالة توتر في أوكرانيا التي يشير موقعها الجغرافي إلى أنها مستهدفة، حيث إنها تمثل البوابة الرئيسية لعبور الغاز منها إلى دول الاتحاد الروسي، فكلما زادت التوترات يضمن ثبات سعر النفط الخام فوق حاجز ال70 دولارا للبرميل لأن تكلفة استخراج النفط الصخري في الولاياتالمتحدةالأمريكية ونفط بحر الشمال تفوق ال50 دولارا أمريكيا للبرميل الواحد وسياسة خلق التوترات في الدول المنتجة للنفط تساعد في رفع سعره وبقائه فوق سعر تكلفة استخراجه.