هدف السخرية هوالإستهزاء بالآخر، أو الآخرين رجالاونساء، والمسر ح والأفلام والتمثيليات التلفزيونية حافلة بالسخرية، وهدفها الإضحاك-غالباً-ولكنها لاتخلومن النقد وتنبيه الغافل ذي السلوك السيء، أو المرتكب لجريمة ما، ويعتبر الجاحظ من أقدم الأدباء الذين كتبوا في أدب السخرية، فكتابه البخلاء لم يترك فرداً في المجتمع إلا وسخرمنه، فلم يكتف بعامة الناس، ولكنه كشف عن سلوكيات وأخلاق العلماء، وفي الأدب يعتبر إبراهيم عبدالقادرالمازني كاتباً ساخراً من الطرازالذكي وتأثربالجاحظ بالإستطراد، وهومن الأسلوب الممقوت في الأدب الحديث، فالكاتب يستطرد طويلاً ثم يعود للموضوع الأساس، ويكون القاريء قد نسي بداية الكلام، وتعتبر رواية (عود على بدء) من أجمل وأرقى النماذج الأدبية الساخرة، فهي-بطريقة تخيلية ساخرة- تصور مواقف طفل في التاسعة من عمره تقريباً- كان رجلاً فعاد إلى طفولته فيختلط بالنساء فيعرف أسرارهن ويسمع أقوالهن- وهن لايأبهن به بل يغدقن عليه الهدايا، وهكذا دواليك. وفي الأدب يعتبر الكاتب برناردشو، من الكتاب الساخرين المرموقين، وقابله ذات مرة صديق له فسأله عما يبحث عنه فقال شو: أبحث عن ساعتي التي فقدتها، وقال صديقه: أنا أبحث عن أختي، فرد عليه: كل يبحث عن ماينقصه!! وأسلوب السخرية في القرآن له أهداف تربوية أخرى عظيمة، قال تعالى:(الذين يلمزون المطوعين في الصدقات والذين لايجدون إلاجهدهم فيسخرون منهم سخرالله منهم ولهم عذاب أليم) التوبة/79، ويلمزون: أي: يغتاب المنافقون ويعيبون المتطوعين الذين يقومون بعمل إنساني ويتفقدون الناس على قدر طاقتهم ووسعهم،فمن الذي يرد ويذودعنهم؟ إنه الله (سخرالله منهم ولهم عذاب أليم)، فهلّا تنبّه الساخرون إلى ماينظرون من عذاب يوم القيامة، ولنتأمل قوله تعالى:(ذق إنك العزيز الكريم) فالسخرية في هذه الآية الكريمة بعزة وكرم الساخرين الذين للعزة وللكرم لهم، وماتوفيقي إلابالله.