من السهل علينا أن نتفهم أن الجهل وضعف الوازع الديني واختلاف الثقافات والشعور بالإحباط يقف وراء محاولة انتحار بعض العمالة الوافدة حين يريدون لفت النظر إلى حقوقهم المهدرة وأجورهم التي لم يستلموها، على نحو ما حدث في مستشفى الصحة النفسية في الطائف والتي أشار إليها المتحدث الرسمي للشؤون الصحية في الطائف في حديثه ل«عكاظ» الذي تطرق فيه لإلزام الشركات المشغلة لمستشفيات الطائف بالوفاء بحقوق العمالة وعدم المماطلة في تسليمهم أجورهم. من السهل علينا أن نتفهم ذلك كما نتفهم ما تضطر إليه عمالة بعض الشركات المتعاقدة مع الشؤون الصحية أو مع غيرها من توقف عن العمل وتجمع وتجمهر للمطالبة بحقوقهم ولفت نظر المسؤولين إلى أجورهم التي لم يتقاضوها، غير أن من الصعب علينا أن نفهم أو نتفهم الأسباب التي تحمل بعض هذه الشركات على المماطلة في تسليم عمالتها أجورها وتنكرها للوفاء بالعقود التي تعاقدت معها عليها والعمل على تشغيلهم وكأنما قد استعبدتهم تلك الشركات فلا أجور يتقاضون ولا حقوق يستوفون، والأصعب من ذلك كله أن تصبح هذه المشكلة معضلة تتكرر يتم التعامل معها حالة حالة دون أن يكون هناك حل شامل يمكن من القضاء عليها ويجتث الأسباب التي تؤدي إليها. المشكلة الحقيقية ليست في أن هناك عمالا يحاولون الانتحار ولا أن هناك عمالا يتوقفون عن العمل وآخرين يتجمهرون، كما أن المشكلة ليست أن هناك شركات تماطل في الوفاء بحقوق العمال وتؤخر تسليمهم أجورهم، المشكلة هي أن هناك ثغرة في النظام أو ثغرة في آليات تطبيق النظام تمكن هذه الشركات من التلاعب بحقوق العمال والمماطلة في أجورهم. هذه الثغرة لا يمكن سدها أو التغلب عليها إلا بوضع آلية واضحة تمكن الجهات المسؤولة من مراقبة وفاء الشركات بحقوق العمال، وقد كان النظام الذي ظهر قبل سنوات والذي كان يلزم الشركات بفتح حسابات بنكية للعمالة لديها يشكل حلا لهذه المعضلة لو أنه طبق كما ينبغي وتمت برمجته بحيث يكشف عن أي تأخير في إيداع أجور العمالة في حساباتها البنكية وأن تكون هذه الحسابات مرتبطة بجهات رقابية تبادر إلى مساءلة الشركات عن أي تأخير يمكن له أن يؤدي إلى توقف بعض العمالة عن العمل ومحاولة بعضها الآخر الانتحار.