يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ليس الشديد بالصُرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب. يتعيّن على كل واحد منا في خضم صوادف النهار وطوارق الليل وفي كل حياته اليومية أن يحكّم عقله ويمسك لسانه ويكف يده في كل تصرفاته وأقواله وأفعاله مع الآخرين، وأن يحسب حساب كل شيء يفعله، وألا ينجرف أو ينساق لأي محاولة استفزاز من أي شخص مهما كان ذلك الشخص، (رجل امرأة صغير كبير مواطن وافد وغيرهم من الكائنات البشرية)، والتي قد يتبعها استدراج واستغلال وابتزاز قد تقودك للسجن أو دفع المال أو كلاهما كرهاً دون وجه حق. فقد سمعنا وشاهدنا وقرأنا بعض المواقف التي تستوقف العاقل وتجعله حيرانا متريثاً عند أي موقف قد يمر عليه، فيحتزم بالحلم ويلتزم بالأناة ويتوشح بالصبر. والتي تصدر من أُناس يعيشون بيننا نراهم ونخالطهم ونتعامل معهم وقد يصادف أننا أكلنا وشربنا معهم دون معرفة خبثهم. بعض المواقف عارضة وبمحض الصدفة كحادث سيارة مثلاً أو اختلاف بسيط في محل تجاري أو حتى في طابور الفوال أو الخباز، إلا أنه قد يتم تهويل الموقف وتأجيجه من هؤلاء الناس حتى تظن أن بينك وبينهم ثأرا قديما، رغم أن الموقف بسيط وممكن ينتهي بكلمة (آسف أو اعتذار أو حضور الجهة المعنية وإنهاء الموضوع بكل حب وود)، إلا أن بعضهم يستغل الموقف استغلالا رخيصا ويبدأ في استثارة الطرف الآخر وإخراجه من طوره حتى يحدث الاعتداء بأي شكل، سواء لفظي أو حركي أو جسدي ثم يرفض التنازل إلا بمقابل مالي يشترط فيه. وهناك بعض التصرفات الأخرى التي ليس فيها موقف من الأصل ولكن لها مختصيها ممن وصلوا درجة الاحتراف، من خلال التحرش بأي شخص بأسلوب معين ككلمة عابرة مثلاً (ليش تطالع فيني) أو حتى عبارة (السلام عليكم) (أو ممكن سؤال)، وبمجرد الرد من ذلك الشخص الذي يجلس في حاله في أمان الله تجد هذا يشد معه ويرفع صوته في الكلام ويدعي أنه قال له كلاماً غير جيد، أو أنه غلط عليه أو على أهله وهكذا، وهنا يأتي دور (من يملك نفسه عند الغضب). عليك في هذه المواقف ألا تنفعل ولا تتعصب ولا ترفع صوتك أو تمد يدك أو تذهب إلى ذلك الشخص أو تترجل من سيارتك نحوه، بل عليك بالهدوء والحلم حتى يحضر رجال الأمن أو شهود من الناس. ولا تستغرب إن قلت لك إن ذلك الشخص قد يؤذي نفسه بيده أو يمزق جزءا من ملابسه قبل وصول رجال الأمن ثم يتهمك بذلك، وهنا الأمر سينقلب عليك رأساً على عقب وستدخل في حكاية مبتذلة من الابتزاز والانتهاز، وقد لا تنتهي إلا بتنازل مدفوع الثمن، وقد ترفض الدفع فتحال للجهات المختصة وكان الله في عونك. وفي الختام نوجه رسائل متنوعة: أولها: على أولئك الاستغلاليين الذين يمارسون هذا الأسلوب الرخيص مع الناس أن يتقوا الله في أنفسهم، فوالله إنهم على خطر كبير ووعيد شديد من الله؛ إذ إنهم يظلمون الناس ويتسببون في سجن أبرياء أو أخذ أموالهم بالباطل بالتنازل عن حقهم بسبب افترائهم عليهم وظلمهم لهم، مستخدمين أرخص أنواع الظلم وهو الكذب والبهتان. ثانياً: أوجه رسالة لكل أحد أن ينتبه وينبه أولاده وأهل بيته وكل من يعز عليه بأن يكونوا حذرين في التعامل مع هؤلاء الناس ومن في شاكلتهم. ثالثاً: نهيب بالمدارس وخطباء الجوامع وكل جهة معنية، بالتحذير وتثقيف الطلاب والناس عامة حول هذا الأمر الذي قد لا يكون ظاهرة، لكنه موجود ويجب التنبه والتنبيه والحذر. رابعاً: الجهات المختصة في بلادنا ولله الحمد واعية ومدركة ولا تتساهل في مثل هذه الأمور ولكن في النهاية هم يتبعون الدلائل والقرائن التي يوثقونها في مكان الحادث أو الموقف. وأكيد أنهم يرصدون المتكررين ويتحرون المحتالين منهم ويوقعون بهم لينالوا عقابهم الرادع. حفظ الله بلادنا وقيادتنا وأدام علينا نعمة الأمن والأمان.