تتسم النظم التعليمية بمفارقة ملفتة للنظر هي أن لها وظيفة مزدوجة المحافظة على تقاليد النظم السائدة في المجتمع والدفاع عنها من ناحية ومن ناحية أخرى أنها مسؤولة عن مهمة تهيئة المجتمع للتكيف مع المطالب والمتغيرات الجديدة بل خلق القيم المضادة أحيانا لقيم النظام السائد، ووضع مستقبله أيضا، وكل تنبؤات مستقبل التعليم كلها تقول إن نظام التعليم يعكس بدرجة (ما) خصائص مجتمعه الذي يوجد فيه وأنه يستعد لمواجهة مستقبل أو أكثر عن طريق التعليم من التاريخ وأن يحدث اتجاهاته ويطور مفاهيمه وهياكله وطرائقه بما يسمح بالتهيؤ لهذا المستقبل أو المستقبلات.. «فالديناصورات» تلك الكائنات العملاقة التي سادت في العصر الطباشيري هلكت عندما واجهت مستقبلا مليئا بالتغيرات البيئية الكبيرة التي أثرت على تكيفها وبقائها فكانت مقدرتها الهزيلة على توقع هذه التغيرات وعلى إدارتها واستعدادها الضعيف للتكيف معها سببا في هلاكها.. ونظمنا العربية التعليمية تمتلك القدرة على الاختيار لكن ينقصها الكثير (وأقول ينقصها الكثير ) لكي تستشرف مستقبلها وتتحسب له من الآن، وتعمل على تشكيله وتخطيطه وإلا تدخلت قوى أخرى عمياء في شكل هذا المستقبل.. وإنني أخشى أن تلقى مصير الديناصور.