يختلف تماماً عن بقية الأحياء، تحيط به الفوضى والعشوائية والضوضاء من كل جانب، وكثير من مظاهر الإزعاج البصري والسمعي المزمن.. وربما أخف أجزائه وطأة ذلك الذي يقع بالقرب من طريق الأمير محمد بن عبدالعزيز (التحلية)، أما الجزء المحاذي لطريقي الملك فهد (الستين) و الروضة فيعج بالعمالة السائبة التي تتصيد زبائنها منذ الصباح الباكر، إلى جانب المعدات والآليات مختلفة الأغراض والورش المتعددة المهام وهنا يدور الحديث عن حي الفيصلية (3) وسط جدة النابض. ويقع الجانب الرابع والأخير من الحي على الجانب المحاذي لطريق المكرونة تحديداً، مقابل محطة توزيع مياه التحلية و «أشياب» المياه التي تدخل وتخرج منها صهاريج المياه الصالحة للشرب، الأمر الذي يزيد الطين بلة حال وجود أية أزمة للمياه في المدينة فهذه المنطقة تتحول إلى خلية نحل من الصهاريج والداخلين والخارجين إلى المحطة. الأهالي يشكون ليل نهار من هذه المظاهر التي لطالما أنهكت الحي بكامله، خصوصا وأنه الحي الشعبي الواقع بجوار أحياء راقية أخرى وإن كان يفصلها طريق سريع، إلا أنه لم يتحرك أي ساكن خلال فترة مضت من النداءات المتكررة لإصلاح حال الحي وإدراكه قبل فوات الأوان. إضافة إلى ذلك فالحي ذاته يشكو من كثرة المشاريع التي فيه، إذ تستوجب عمل الحفريات التي بعضها مازال قائما منذ وقت طويل وأخرى تم ردمها بشكل خاطئ بعد إنجاز المشاريع، فضلا عن مياه الصرف الصحي التي تشكل مستنقعات في بعض أرجاء الحي وتنذر بخطر بيئي سيئ على السكان. في الجانب الغربي من الحي تقبع أعداد كبيرة جدا من العمالة الوافدة على طول الشريط المنحدر من طريق الملك فهد والمتفرع إلى داخل الحي قرب دوار الدراجة الذي تجري عملية إزالته الآن، في حين تنتشر على هذا الامتداد ورش المركبات والشاحنات والآليات والمعدات، إذ تصحبها أصوات مزعجة لا تتوقف إلا مع وقت متأخر من الليل. قل أن تدخل الحي لا تجد سوى شاحنات وآليات تتجول داخله وبمحاذاته من خارجه حتى أصبح محاصرا بظاهرة لا تخفى على المارة فضلا عن مرتادي الحي أو ساكنيه بشكل خاص، إذ يطالب الأهالي بإيجاد حل لهذه الإشكالية المعقدة المتراكمة التي باتت تؤرقهم طويلا. شاحنات وصهاريج «عكاظ الأسبوعية» تجولت داخل الحي المذكور والتقت بعدد من سكانه الذين أبدوا عدم رضاهم عن وضع الحي المؤلم على حد قولهم وناشدوا الجهات المعنية بإيجاد حلول عاجلة للمشكلات التي يعاني منها، حيث أوضح محمد علي (37عاما) أحد سكان الحي أن منظر الشاحنات والصهاريج المتوقفة داخل الحي بات مزعجا للسكان بشكل لا يتصوره أحد، خصوصا وأن لها دبيب يهز الأرض مع تحركاتها المستمرة دون توقف حتى الساعات الأخيرة من الليل، فقد عمد سائقوها إلى إيقافها فوق مجرى السيل المردوم وأضحى واقع الحي مؤلما للغاية، ونحن نناشد بضرورة إصلاح ما يمكن إصلاحه ومعالجة الخلل وتنظيم الوضع داخل الحي لأن الراحة باتت مفقودة بسبب هذه الشاحنات والعشوائية التي يعيشها الحي. عمالة مخالفة وأوضح صلاح باعامر (45 عاما) أب لأسرة من خمسة أفراد ويسكن الحي منذ سنوات، أنه بات قلقا على أطفاله الصغار من كثرة الشاحنات وتردد العمالة الوافدة المخالفة التي تقطن الحي بشكل كثيف، وتعمد إلى الجلوس أمام المنازل داخل الحي وقريباً من منازل العائلات، ويضيف «في الصباح الباكر يذهب بعضهم إلى أعمالهم ويعودون في المساء يترددون داخل أزقة الحي ذهابا وإيابا، ويبقى البعض جالسا أمام منزله ينظر للذاهب والآتي بدون أدنى استحياء من العائلات الداخلة والخارجة من منازلها، في مناظر جارحة للجميع». مشاهد سيئة وذكر العم حسين الغامدي (50 عاما) أن الصور تتحدث عن نفسها، فالحي يزخر بالمشاهد السيئة التي تشوه المنظر العام للحي وساكنيه منذ سنوات دون أن تتحرك الجهات المعنية لإيجاد حل جذري للمشكلة رغم المناشدات المتكررة لكل من لديه صلاحية دون جدوى. وأردف قائلا: في الجهة الشرقية من الحي وخاصة الناحية المقابلة لأشياب التحلية يفقد الحي السكينة والطمأنينة بفعل دبيب الشاحنات الداخلة والخارجة، وكذلك تلك المتوقفة والتي اتخذت من مجرى السيل المردوم ملاذا آمنا وموقفا آمنا بالنسبة لها، حتى افتتحت فيما بعد ورش الإصلاح الخاصة بهذه الشاحنات بجوار أماكن وقوفها، خصوصا وأن الإصلاح يتم خارج الورش وفي الهواء الطلق بسبب كبر هذه الشاحنات مما يعيق دخولها إلى داخل الورشة صغيرة السعة. فقدان الراحة وبين سيد عبدالكريم وهو مقيم عربي (40 عاما) أتمنى أن أجد وقتا للراحة بعد عودتي من عملي الشاق قبل العشاء لكن بلا جدوى، كوني أنشد الراحة في وسط مليء بالضجيج وهذا مستحيل تماما. ويضيف: واقع الحي الشعبي شجع على تكاثر السلبيات، بدءا من العمالة السائبة وكثرة الشاحنات داخله وخارجه، ولا ننسى مياه الصرف والمجاري الطافحة والطرق المنهكة بفعل سير الشاحنات الدائم فوقها، وهذا أمر بات طبيعيا في الحي، فضلا عما تسببه مياه الصرف من تكاثر للبعض والذباب والأمراض، متسائلا: كيف تعيش العائلات داخل حي مكتظ بالعزاب. حملات أمنية من جانبه، أوضح الملازم أول نواف البوق الناطق الإعلامي لشرطة محافظة جدة أن هناك حملات أمنية على هذه الأحياء بناء على خطط زمنية دقيقة ومعلومات وتحريات يتم حصرها في مربعات معينة، وتباشر الدوريات السرية مهامها بشكل دائم وتتواجد هناك، فضلا عن البلاغات الواردة من مواطنين يحسون بالمسؤولية الاجتماعية تجاه حيهم، مبينا أن حل إشكالية العمالة المخالفة لا يتم دون التعاون من داخل الحي، إذ يتوجب على أصحاب العقارات عدم إسكان العمالة المخالفة في هذا الحي وغيره، وإذا لم يجدوا التعاون فلن يوجدوا في هذه الأحياء إطلاقا. شاحنات مخالفة من جهته، أوضح المتحدث الرسمي لإدارة المرور في محافظة جدة العقيد زيد الحمزي، أن دوريات المرور تجوب بشكل دائم الشوارع المحيطة بالحي وتوقع العقوبات بالشاحنات المخالفة التي تقف بشكل خاطئ، وهو ما يسهم في تعطيل حركة السير.