لا أحد ينكر عظمة فيروز، وجمال صوتها. نشأ على حنجرتها الأنيقة وترانيمها البديعة جيل ممتد بما يوازي عمرها الفني. وهي إلى الآن من أهم الفنانات، عالميا، لا عربيا فحسب. كل ما يحيط بفيروز كفيل بإثارة الجدل. حين تحدث ابنها زياد، في لقاء صحافي قبل أيام عن أن أمه تحب حسن نصر الله كثيرا، اشتعلت الساحات العربية بالنقاش والسجال والتأييد أو الرفض. لم تصرح فيروز بانتمائها السياسي، فهي لم تتلوث بالسياسة، كما حدث مع زياد. فالفنان يقدم فنه للجميع، وميوله له على السبيل الشخصي. لا يقدم الفنان نفسه ليكون مدجنا ضمن تيار أو حزب أو أيديولوجية، هذا ما أرادت أن تكونه فيروز، غير أن الابن زياد لم يتح لها أن تحتفظ بانتمائها سرا وأراد أن يجهر به علنا، هذا على فرض التسليم بصحة ما قاله. وهو بهذا التصريح أطلق عليها الشاغبين والمتعصبين والمتطرفين من كلا التيارين، بين من يدافع عنها ويرى فيها المقاومة العنيدة العتيدة، وبين من يرى أنها تلبست بهذا الموقف خطأ محضا، غير أنه بين هذا وذاك فقد أولج الابن أمه في معارك، لا علاقة لها بالفن، ولا بالمكانة التي بنتها خلال عقود من الفن! لسنا في هذا السياق، بصدد الحديث عن صحة هذا التوجه السياسي، أو ذاك، فهذا شأن آخر، غير أنك ترى من يختار بعض الخيارات التي لو لم يسلكها لما لامه أحد، ولا سأله سائل، ما الذي ثبطك عن هذا الموقف. فيروز أيقونة فنية، وستظل كذلك، وهي لم تصرح بشيء حول انتمائها، فأتيحوا لها حق الاحتفاظ برأيها، واستمروا بالاستمتاع بصوتها العذب وحنجرتها الأنيقة، دون أن تدخلوها في وحل السياسة، وأوساخ تجاذباتها! [email protected]