وضع اللاجئين السوريين يثير الأسى والقهر معا، وذلك كلما تذكرنا أن لجوءهم وهروبهم من بيوتهم وقراهم لم يكن بفعل كوارث طبيعية، ولا بفعل حرب مع عدو خارجي، وإنما هو حدث وقع لهم من بين أضلعهم بيد من كان واجبه حمايتهم ورعايتهم، فإذا به يكشر عن أنياب ومخالب ليفتك بهم بوحشية تدعمها الأنانية والرغبة في خلود السلطة والسيادة. وإذا كانت الشعوب العربية في أغلبها لا شأن لها في توجيه سياسة بلادها، فعلى الأقل ليكن لها شأن في مساعدة بعضها البعض وعدم ترك ذلك كله لمنظمات الأممالمتحدة، فمهما قدمت تلك المنظمات، تظل مساعداتها لا تغطي كامل حاجة اللاجئين. هؤلاء اللاجئون هربوا من الموت بالقذائف، فوقعوا في مصيدة الموت بالفقر والبرد والجوع والمرض، وبات حالهم كالمستجير من الرمضاء بالنار، فحسب ما تذكره منظمات الأممالمتحدة توفي خلال يومين فقط 12 طفلا سوريا من البرد في أعقاب العاصفة الثلجية الكسا، ومن الحق أن لا يمسهم شيء من ذلك، فإخوانهم الذين يحيون في أمن واستقرار وبسطة في العيش يطوقونهم من أكثر من جانب، وكان المتوقع أن يسدوا حاجتهم بأن يمدوهم بشيء مما لديهم من النعم، إلا أن ذلك لم يحدث، بقي الإخوان منشغلين بانفسهم وبقوا هم يتقلبون على رمضاء ملاجئهم. وحول هذه القضية بعثت إلي الدكتورة أمل شطا تستنكر تقاعس العرب عن إغاثة اللاجئين السوريين في هذه الأيام الباردة التي تشتد فيها الحاجة إلى الغوث، تقول «لماذا هذا الصمت والإهمال من التلفزيونات وأين حملات الإغاثة العلنية ؟!! المسلمون يموتون من البرد والجوع والمرض في سوريا، لماذا لا يكون هناك مثلا جمع للاعانات العينية والمالية في مكان مفتوح زي ارض المعارض ؟! لماذا لا يعرضون على الناس مختلف الأعمال التطوعية التي يمكن لهم بها مساعدة هؤلاء الإخوة المعذبين ؟!! أنا وأكيد غيري مثلا ممكن نساعد في علاج أو تدريس الأطفال المهجرين، التلفزيونات تعمل مسابقات يسأل فيها المتسابق أسئلة تافهة ويكسب مليون ريال، مليون ريال ؟!!! والمسلمون يتضورون بردا وجوعا وريال واحد ممكن يسندهم ؟!! ليس لها من دون الله كاشفة». إنه لا أحد ينكر أننا شعب كريم يبادر إلى العون متى طلب منه، لكننا شعب يقل فيه من يتخذ زمام المبادرة وإرساء الحجر الأول، كل واحد ينتظر من الآخر أن يبادر فيفتتح الطريق. وإني إذ أشكر الدكتورة أمل شطا على تفكيرها في المساعدة وتبرعها بمعالجة المرضى من اللاجئين لأحث الشباب، الذين يشكون البطالة في انتظار العثور على وظيفة، أن يستغلوا فترة الانتظار هذه في معاونة إخوانهم اللاجئين السوريين فيتطوعوا في تعليم الاطفال الذين حرموا من مدارسهم، فقد بلغ عدد الأطفال السوريين المنقطعين عن التعليم ثلاثة ملايين طفل بحسب احصائيات اليونسيف، وارتفع عدد المصابين بنزلات البرد والتهابات الصدر الناجمة من ضرر نار التدفئة التي يشعلونها بمواد مضرة كالأحذية وأوراق الكرتون فتسبب السموم في الهواء. ولعل الله يثيبهم على عملهم الطيب عثورا سريعا على الوظيفة التي ينشدون، فالله لا يضيع أجر من أحسن عملا.