نفذ بشار الأسد سياسة الأرض المحروقة في «سوريا»، التي أقسم، من قبل، على حمايتها والمحافظة على مكتسباتها وتوفير الأمن والرخاء لشعبها.. لم يكتف بجيشه، لتصفية شعبه وتدمير وطنه، وتقسيمه، بل استعان بمرتزقة «حزب الله» والحرس الثوري الإيراني، والعصابات العراقية التي لم تعد تستطع العيش بعيداً عن رائحة الدم وجثث القتلى. مارسَ الأسد وجيشه ومرتزقة حزب الله كل جرائم الحرب، ومنها الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي واستهداف التجمعات المدنية والمستشفيات ودور العبادة. تحولت سوريا إلى أرض الهلاك والخوف والجوع والمرض، رائحة الموت والدم تفوح من شوارعها وأبنيتها المنهارة، هجرها أهلها طلباً للنجاة، فكانوا كالمستجير من الرمضاء بالنار.. مخيمات اللاجئين مليئة بقصص الموت، يحيط بها الجوع والعوز من كل جانب. أكثر من مائة ألف قتيل، ومليون لاجئ، وانهيار الدولة والاقتصاد، من أجل بقاء رجل واحد على سدة الحكم!.. إنها فلسفة الحكم العربي التي تعتمد حياة الرئيس وإن مات الشعب ودمرت الدولة. فاتورة الثورة السورية تجاوزت التوقعات، وجاءت بالمفاجآت، بعد أن تخلى الغرب عن دعم الثورة، وسمحوا بدخول المرتزقة المحتلين للأراضي السورية، وغضوا أنظارهم عن جرائم الحرب المتنوعة، وطبقوا سياسة المواجهة الداخلية لتقويض أركان الدولة، وإضعافها، تمهيداً للتقسيم. مع بداية الثورة نشطت المفاوضات الدبلوماسية التي لم تخل من المساومات المالية، ومقايضة رحيل النظام السوري بالمال، لم يتفق (اللصوص) وتجار الدم الدوليون، على صفقة العشرة مليارات دولار، فكانت سوريا الضحية.. بقي النظام، ودُمِّرت الدولة، وقُتِّل الشعب أو شُرِّد، وباتت سوريا في حاجة لأكثر من 150 مليار دولار من أجل إعادة إعمار ما دمره جيش الأسد ومرتزقته!.. وإذا ما أضفنا إلى ذلك نضوب الاحتياطيات المالية، وانهيار الاقتصاد، فقد ترتفع فاتورة الحرب إلى أكثر من 250 مليار دولار. أجزم بأن من تسبب في إطلاق شرارة الثورة، لم يعتقد يوماً أن يصل الوضع إلى ما وصل إليه اليوم.. وأجزم بأن مراهقي السياسة الجدد، الذين دمروا الدول العربية كانوا أكثر جهلاً بمآلات الأمور، وأضعف من أن يتحكموا بمخرجاتها التي صاغها الغرب بعناية، وأقدموا على تنفيذها بغباء. سياسة الأرض المحروقة التي طبقها الأسد، بمباركة غربية، حوّلت سوريا إلى قاع صفصفا، وأرض خصبة لمافيا غنائم الحرب وإعادة الإعمار. الجميع يتحدث عن الزعامة، والتسليح، والدعم العسكري وصفقات الأسلحة، ويبقى الشعب السوري الجائع في الداخل والخارج بعيداً عن دائرة الاهتمام. كشفت صورة الطفل السوري، الذي عانى من أعراض المجاعة حتى بدا وكأنه هيكل عظمي، عن حجم المعاناة الحقيقية للشعب السوري، وتسببت في فضح المنظمات الدولية المعنية بالإغاثة والحماية والدعم، ورفعت أكثر من علامة استفهام حول التبرعات المالية التي جمعها الناشطون، أو المساهمات الدولية التي حصلت عليها منظمات الإغاثة. ما الذي يحتاجه الشعب السوري، السلاح أم الغذاء، الأمن أم القتال، معادلة معقدة أوجدها نظام الأسد بمساعدة الغرب، وأعوانه، ممن قست قلوبهم، وعُميَت بصائرهم..كل ما يحتاجه الشعب السوري هو الأمن والحياة والنصرة والغذاء ورفع الظلم عنه ورحيل النظام، وهو أمر لن يتحقق بوجود مافيا الدول ومرتزقة الشعوب، وتجار الحروب. [email protected]