بالرغم من رحيل جموع ضيوف الرحمن من المشاعر المقدسة، إلا أن الحركة لم تهدأ بين جنبات الخيام التي احتوت الحجاج، إذ بدأت رقاب السماسرة تطل على الخيام، مقتنصة الفرصة للظفر بما يمكن أن تطاله أياديها من أثاث ومفروشات وفق منهج بيع التوالف والمستعمل. واصطفت الشاحنات الضخمة و«الديانات» متوسطة وصغيرة الحجم، التابعة لمؤسسات الطوافة أو حجاج الداخل لجمع أغراضها لحفظها، فيما انتشر في الجانب الآخر ما يعرف بسماسرة الحج ممن يتاجرون بالمستعمل لشراء كل ما أمكنهم شراؤه بأسعار قد تبدو رمزية قليلا، لإعادة تدويره كمستعمل في حراجات المدن، وربما تصديره إلى خارج البلاد عبر وساطات وسماسرة آخرين. وبدا هدير الجرافات يعمل على مدار ساعات النهار، لإزالة المخلفات التي خلفها السماسرة بعد نبشهم لأخشاب وأروقة المخيمات ورميها أمام المخيمات، دون تفعيل نشاط العمالة المخالفة التي تم استئجارها للتحميل ونقل العفش. ورصدت «عكاظ» في جولة ميدانية حال المشاعر بعدما تركها الحجيج وأدوا فريضة الحج في الأيام الماضية. وقال سلطان آل محسن (تاجر للمفروشات): إن الفترة الحالية ما بعد رحيل الحجيج تعتبر ذهبية وفرصة لنا كتجار في سوق المفروشات وذلك بسبب أن أصحاب المخيمات «يصرفون» كل ما عندهم بالسعر الذي يتم الاتفاق عليه فهنالك الكثير من تجار المفروشات قد تواجدوا في المشاعر، لكن متطلبات الأنظمة في تسليم المخيمات لوزارة المالية تجعلهم يعجلون في تصريف المفروشات وغيرها من الأثاث حتى لا تهترئ ويقل ثمنها. في المقابل، كان هناك تواجد من أصحاب حظائر الأغنام لشراء الأخشاب والأروقة وذلك من أجل حظائرهم حيث قال صالح الحربي (تاجر مواشي) إن شراء الأروقة والأخشاب في هذا الوقت سيكون بأقل ثمن وسيكون السعر فارقا عما يباع في الحراج أو الأسواق. وبين الحربي أن في هذه الأوقات الشتوية خصوصا بالكاد أن أسعارها في الأسواق في ارتفاع بسبب إقبال تجار المواشي لشراء الأخشاب والأروقة لدحض البرد عن مواشيهم. في الاتجاه الآخر، لم يكن بمقدور حراس الأمن الذين وفرتهم المؤسسات والذين رابطوا بعد رحيل ضيوف الرحمن عن المشاعر المقدسة، لحماية بقية المتاع المتبقي، لم يكن بمقدورهم منع انتشار العمالة المخالفة في اقتناص الفرص في أخذ كل ما وسعهم بيعه أو الاستفادة منه، بعدما غزت تلك العمالة على نطاق واسع خصوصا في مشعر منى. وقال ياسر علي (حارس أمن) إن مهمتهم تبدأ في هذه الأيام لحين تصريف كل المتاع الموجود وبيعه على من يريد الشراء، ولكن المهمة الصعبة تكمن في التيقظ لحركات العمالة الذين ينشطون ما بين المخيمات فنراهم يحملون المفارش والكراسي وأي شيء يتحصلون عليه مما يجعلنا في حالة استعداد وخصوصا أنه لو فقد شيء من المخيم فإنه يعتبر عهدة علينا ونتحمل الخسائر فموقعنا حساس بالنسبة إلى أصحاب المخيمات الذين دفعوا تكاليف كل مستلزمات الحجيج ويجعلنا في حالة صد لكل من يحاول التسلل للاستيلاء على أي شيء يمكن أن يجذب أولئك العمالة. وأوضح عبدالله الزبيدي (مسؤول في أحد المخيمات) أنهم وفروا أربعة حراس أحدهم يرابط عند البوابة بينما الآخرون يتوزعون في داخل المخيم لرصد أي تحركات غريبة، في ظل تحركات العمالة في شوارع المشاعر المقدسة، خصوصا أن المتاع الذي تم توفيره للحجيج مستأجر وليس ملكا مما يجعلنا في حرج مع المؤجر لو أنه نقص سواء من المفارش وغيرها، مبينا أن بعض العمالة استأجروا شاحنات لتحميل ما تحصلوا عليه من غنائم في وسط المشاعر.