رغم تطور مناحي الحياة في شتى المجالات إلا أن أصالة الماضي بكل أطيافه وطقوسه مازالت معايشة لأهالي المنطقة التاريخية بمحافظة جدة والتي تضم بين جنباتها حارات اليمن والشام والمظلوم في «برحة العيدروس التاريخية»، هذا الفناء الذي يشهد حركة دؤوبة منذ صباح أول أيام عيد الأضحى المبارك، حتى منتصف الليل من أطفال يعيشون فرحة هذه الأيام عبر وسائل الترفيه البدائية «المراجيح» تربطهم بالحنين إلى الماضي والتمسك بعاداته وتقاليده. وتقف هذه الحارات شاهدة على أفراح الآباء الذين كانوا يتسابقون فيها على الألعاب الشعبية والأهازيج والجمل الغنائية وألعاب الفرفيرة والبلياردو التي لا تتميز بها جدة فقط، بل تتميز بها مدن الحجاز بأكملها، ضمن منظومة المنطقة التاريخية بجدة. «عكاظ» عايشت الواقع الجميل ورصدت مشاعر الأهالي الذين يصطحبون أطفالهم إلى «برحة العيدروس التاريخية». أحمد باوزير أشار إلى أنه يصطحب أبناءه للمنطقة التاريخية لما يشعر به من ذكريات الماضي الجميل وفرحة أبنائه بالأحصنة والملاهي الخشبية التي تعمل يدويا، مبينا أن عددا من النساء يرددن أهازيج عادة ما تكون مصحوبة ببعض الصفات لفلذات أكبادهن ولا تزال البرحة حتى الآن محافظة على مظاهر أفراح عيد الأمس، وذلك بنصب المراجيح الخشبية فيها والتجمع في مركاز العمدة حيث يتسابق أهل الحي على معايدة بعضهم بعضا. وأشار محمد الحربي إلى أن المنطقة التاريخية بجدة لا تزال محافظة على قيمتها، رغم خروج معظم سكانها الأصليين «على حد قوله» لمواكبة الحداثة والتطور إلى مناطق حديثة في عروس البحر الأحمر. من جهة أخرى، حرص عدد من الزوار على تناول وجبات الإفطار في أول أيام عيد الأضحى المبارك، على كورنيش البحر الأحمر، وتنوعت ما بين مأكولات شعبية وأكلات عربية، ولم يقتصر الأمر على المأكولات فحسب، بل كان للتمر والقهوة النصيب الأكبر على مائدتهم، في أجواء جميلة، آسرة بالطبيعة الخلابة، من بحر وأشجار النخيل التي تزينه وترسم لوحة فائقة الحسن والجمال، حيث فضلت الكثير من العائلات أن تكون منطقة الكورنيش وجهتهم في المساء، خاصة الحديقة التي استوعبت الأعداد الكبيرة من الزائرين.