"إشعاع الفرح" العبارة الأمثل، التي يمكن من خلالها عنونة ما تضفيه "باحة" أو برحة العيدروس العتيقة بالمنطقة التاريخية بجدة في أعياد الجداويين، وخاصة في عيدهم الكبير "عيد الأضحى المبارك". هنا الفرح يملأ الباحة التي مضى عليها حتى اليوم نحو سبعة عقود، وما زالت تحظى بالبرنامج الأهم في "الترفيه العائلي" في الأضحى، فمنذ الساعة الأولى التي أعقبت صلاة العيد، كانت عجلة الفرح قد أطلقت صافرة البدء "للاحتفال الشعبي والتاريخي". الأطفال والكبار والصغار كلهم لا يتحدثون هنا إلا لهجة واحدة، لأنه من غير المسموح التحدث بغير تلك اللهجة، وهي "الفرح القديم" الذي يرسم معالم هذه الضاحية، التي لا تسمع فيها سوى الأهازيج القديمة مثل "يا حلاوة العيد ياحلاوة من باب جديد يا حلاوة .. أشكال وألوان يا حلاوة"، و"طرمبة طرمبة وزبادي شربة .. ونبينا محمد إن شاء الله نزوره"، والألعاب التقليدية التي حرم عليها الفعل الكهربائي ولو توصيلة كهربائية صغيرة. للعيد هنا طعم مختلف عن بقية مكونات فرح المدينة التي دخلت فيها وسائل العصرنة والحداثة، فجدول زيارة "باحة العيدروس" تتصدر أجندة أولويات الأماكن الترفيهية للأسر في جدة، وأضحت مقصد الأهالي وفرحتهم مع أطفالهم للتمتع ب"الأجواء التراثية والشعبية" التي تفتقدها بعض ملامح المدينة بشكل عام في عيد الأضحى. وتقع "البرحة" إلى الجهة الغربية من مدارس الفلاح بالمنطقة التاريخية. والعيدروس كان في الأصل شارعا طويلا، ويقال إن أحد الوجهاء واسمه العيدروس كان يسكنه في السابق وحمل اسمه، وكانت الألعاب تنتشر على طول الشارع إلا أن زيادة ازدحام الناس خلال السنوات الماضية وامتلاء الشارع بالمحال التجارية تسببا في اقتصار الألعاب على البرحة فقط. المواقع الإلكترونية المهتمة بتدوين تاريخ هذه الضاحية وحتى الكتب المرجعية ذكرت أن عائلة غراب من العائلات القديمة التي اشتهرت بتركيب المراجيح التقليدية في البرحة، وكانت باحة العيدروس تشهد سباقاً للخيول والرقصات الشعبية والفنون التي تجمع بين الرقص والغناء ودق الطبول، إضافة إلى بعض الألعاب الشعبية التي ما زالت باقية حتى اليوم.