أكدت باحثة أمنية متخصصة في مجال مكافحة الإرهاب على ضرورة إعادة النظر في الاستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب التي تم إقرارها عام 9791م من قبل مجلسي وزراء الداخلية والعدل العرب، لكي تتماشى مع المتغيرات الإقليمية وتستجيب للتحديات الراهنة، وتعمل على وضع مجموعة من الآليات للوقاية والمكافحة من الجرائم العابرة للحدود الوطنية في ظل الاستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب لسنة 6002م والمبادرة العالمية لمكافحة الإرهاب لسنة 0102م وباقي الصكوك الدولية ذات الصلة بمكافحة الأنشطة الإرهابية وماجاءت به قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة. وأوضحت الباحثة الدكتورة انتصار فلمبان أن العالم شهد خلال بداية الألفية الثانية ارتفاعا ملحوظا في معدل العنف نتيجة مجموعة من المتغيرات الدولية والإقليمية (عولمة المجال الجغرافي والثقافي والسياسي) مما أثر بشكل كبير في الأحداث الإقليمية والدولية ونتج عنه تغيير في حدود بعض الدول واندلاع نزاعات في حدود أخرى بين دول الجوار، ومطالبة بعض الشعوب والقوميات بمزيد من الحقوق والحريات. واقترحت الدكتورة فلمبان تعديل المادة الثانية من الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب كونها لم تتضمن كافة الصكوك الدولية ذات الصلة بمكافحة الأنشطة الإرهابية رغم المصادقة عليها من كافة الدول العربية، مشيرة إلى أن تحديث البنية التشريعية في العالم العربي خطوة مهمة نحو تعزيز العمل المشترك الذي يدعمه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، إضافة إلى العمل على تحديث البنية القانونية العربية لتكون قادرة على نبذ العنف خاصة أن هذه البنية لا تتماشى مع التطور الذي شهده العالم سواء على مستوى تطور فكر الجيل المقبل أو على مستوى تطور وسائل المعلومات (كجرائم الإنترنت وجرائم التمويل للإرهاب عن طريق الإنترنت أو جرائم تجنيد أشخاص عن طريق الإنترنت). مسؤولية وتحد كبير وعن مشاركتها كأول امرأة سعودية وعربية ضمن وفد رسمي في اجتماع مجلس وزراء الداخلية العرب، تقول الدكتورة انتصار «هذه المشاركة جاءت التفافة كريمة من الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب لمشاركة مؤسسات المجتمع المدني في مواجهة الإرهاب مع المؤسسات الحكومية والأفراد لدعم جهود المؤسسات الأمنية وإعطاء نموذج للدول عن مكانة المرأة العربية بوجه عام والسعودية بوجه خاص والدور المستقبلي لها في المشاركة بجانب الرجل باعتبار أن المرأة نصف المجتمع، وهذه المشاركة في واقع الأمر مسؤولية على عاتقي وتحد كبير». مكافحة الإرهاب في التعليم العالي وردا على سؤال «عكاظ» عن أسباب عدم وجود باحثات سعوديات في مجال مكافحة الإرهاب، أجابت «تم احتكار هذا العمل من جانب الذكور خاصة في المؤسسات الأمنية التي هي مؤسسات يغلب عليها الجانب الذكوري، ولكن مؤخرا أصبحت كافة المؤسسات الأمنية تستعين بباحثات من النساء خاصة أن المنظمات والجماعات الإرهابية أصبحت تستغل النساء في تمويل أو ارتكاب عمليات إرهابية». ومن هذا المنطلق، تقول الدكتورة انتصار «أرى ضرورة تضمين مكافحة الإرهاب في تخصصات التعليم العالي»، مشيرة إلى المبادرة التي قامت بها جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية والتي كانت سباقة إلى تخصيص دراسات عليا لمكافحة الإرهاب عام 1996م». الربيع العربي والجريمة وعن قراءتها للمشهد في ظل الأحداث الراهنة التي تعصف بالدول العربية وثورات الربيع العربي، وكيف يمكن أن تكون الدراسات البحثية التي ينبغي أن تشخص الواقع وتستشرف المتغيرات من خلال الوضع القائم، قالت فلمبان «شهدت المنطقة العربية أحداثا مختلفة ومتنوعة ولا يمكن مقارنة دولة بدولة أخرى شهدت الربيع العربي لكون كل دولة لها خصوصيتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ولهذا فكان طابع التأثير والتأثر بالربيع العربي مختلفا من دولة لأخرى، وإذا كان الربيع العربي قد حقق شيئا ما على المستوى الشعبي، إلا أنه على المستويين الرسمي والإقليمي لم يحقق النتائج المطلوبة منه بل ساهم بشكل كبير في إنتاج الجريمة العابرة للحدود الوطنية ومنها الجرائم الإرهابية وذلك نتيجة انتشار السلاح غير المشروع الذي كان مخزونا لدى مؤسسات رسمية أمنية وتم الاستيلاء عليه من قبل أفراد وجماعات قاموا باستغلاله بارتكاب أعمال إجرامية ضد الأفراد أو ضد مؤسسات الدولة. ولهذا السبب أجد أنه حان الوقت لوضع استراتيجية عربية لتعزيز التعاون العربي في المسائل الجنائية، خاصة تبادل البيانات والمعلومات عن الجماعات أو الأفراد المتورطة في أعمال العنف ضد الأفراد أو المؤسسات». دور المراكز البحثية وتناولت الدكتورة انتصار دور مراكز الدراسات البحثية المحلية والعربية في مجال أبحاث مكافحة الإرهاب، مفيدة أن أغلب الدراسات التي قامت بها المراكز البحثية تركز على الجانب البشري والفرد وليس على العوامل المباشرة وغير المباشرة المؤدية لارتكاب هذه الجرائم، حيث أستخدمت هذه الأخيرة السياسات والاستراتيجيات الأمنية ولم تعمل على وضع استراتيجيات لمواجهة هذه الجرائم. ومؤخرا عملت جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية دراسات وركزت على مجموعة من العوامل المؤثرة لارتكاب هذه الجرائم وعملت على مخاطبة جامعة الدول العربية في الاستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب من أجل توحيد الجهود ومواجهة الأسباب والمسببات التي تساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في ارتكاب مثل هذه الأعمال. تحصين الأجيال وعن دور المؤسسات التربوية والتعليمية في تحصين الأجيال من الأفكار غير الصحيحة، تقول «المؤسسات التربوية لها دور مهم في تصحيح الفكر الضال وكل فكر قد يؤثر سلبا على أمن واستقرار الدولة، ومن هذا المنطلق ينبغي أن تلعب المؤسسات التربوية (المؤسسات التعليمية، مؤسسات الأسرة، مؤسسات المجتمع المدني وهذه جميعا تشكل مؤسسة تربوية في علم الاجتماع الحديث) دورا واضحا في هذا المجال عن طريق وضع برامج تربوية تقويمية للشباب وإطلاعهم وتلقينهم مفاهيم صحيحة عن دينهم والسلوك الصحيح للتعامل به داخل الأسرة والدولة». قراءة تحليلية وأخيرا تقدم الباحثة الأمنية الدكتورة انتصار فلمبان قراءة تحليلية للأوضاع العربية والعالمية، موضحة أن النشاط الإرهابي لم يعد مرتبطا فقط بمؤسسة الدولة، وبذلك ساهمت مجموعة من العوامل في اتساع هذه الظاهرة ومنها الأزمة الاقتصادية منذ العام 2004م، وظهرت مشكلات على المستوى العالمي عام 2008م أدت إلى اتساع فجوة الفقر ثم البطالة ثم ظاهرة الفساد في المؤسسات العامة والخاصة ثم الجرائم المتعلقة باستغلال المهاجرين غير الشرعيين، وكل هذه الأمثلة التي تم الحديث عنها تم استغلالها من قبل منظمات إرهابية من أجل ارتكاب أعمال عنف ضد الأفراد وضد مؤسسات الدولة، وبالإضافة إلى ذلك إقحام هذه المنظمات الإرهابية في النزاعات الطائفية التي تشهدها بعض الدول العربية، وأقرب مثال على ذلك مشاركة المنظمات الإرهابية في إسقاط النظام بدولة مالي مؤخرا، حيث تدخلت القوى الدولية وخاصة مجلس الأمن من أجل مواجهة تنظيم القاعدة هناك وإعادة نظام الدولة كما كان من قبل، حيث أجريت العملية الانتخابية في مالي وأعيدت الشرعية للدولة، فضلا عن القضاء على كل المنظمات والخلايا الإرهابية التي كانت ترغب في جعل مالي نقطة استراتيجية للسيطرة على أفريقيا وشمال أفريقيا لارتكاب هذه الجرائم في هذه المنطقة.