قد تشعر أنه من السهولة بمكان شراء ألعاب نارية أو كما يطلق عليها «طراطيع» سواء جملة أو قطاعي في مدينة جدة، إلا أن هذا الأمر ليس سهلا كما يتصوره البعض، حين يشاهد الشباب المنتشرون في ميدان البيعة، والذين يرسلون للمارة إشارات ترمز للصواريخ النارية أو النجوم التي تتلألأ في السماء. هؤلاء الشباب الذين لا تتجاوز أعمارهم 17 عاما، ما هم إلا كما يعرفون أنفسهم «شارات» أي أنهم المدخل الرئيسي أو المفتاح للشراء، لهم عمولتهم من كل بيعة يأتون بها من المارة، إلا البائع الحقيقي الذي يتوارى عن الأنظار خوفا من اصطياده من قبل الشرطة التي تعمل جاهدة على مكافحة حضور الألعاب النارية حرصا على سلامة الجميع. «عكاظ الأسبوعية» حاولت الولوج إلى عالم «الطراطيع» لمعرفة خباياه والبائعين وطرق البيع.. ذهبنا في أولى الخطوات إلى موقع سوق الجملة خلف مقبرة الأسد في باب مكة، بمجرد أن تقترب من الموقع حتى تجد صفا من الشباب على امتداد المحلات ينادون على عابري الشارع «طراطيع.. صواريخ»، إلا أنهم بمجرد ملاحظتهم الكاميرا بدأوا في التواري خلف السيارات، أوقفنا أحدهم لنتحدث إليه، واشترط عدم التصوير، أخبرنا «حمودي» أن هذه الأيام موسم، وأنهم لا يبيعون إلا هذه الأيام، وهناك إقبال كبير على البضائع، وأضاف «حمودي» أنه يعتبر كوسيط، والبائع والبضاعة تكون بعيدة عن الأنظار «ولا نأتي بها إلا بعد إتمام الصفقة، فنحن نخاف من الشرطة التي تكافح وجودنا وبيعنا في هذا التوقيت باستمرار»، سألناه عن أهم ما يبيعه، فأجاب: «كل شيء في عالم الطراطيع نبيعه الفراشة والقنبلة والفحمات والثومة والنحل والشمس»، نظرنا حولنا لاحظنا اختفاء الشباب، فأوضح لنا أنهم يخشون من التناول الذي قد يفقدهم بيعهم السنوي. انتقلنا إلى جهة أخرى نعرف مسبقا أنها المحطة الرئيسية لبيع الطراطيع بالقطاعي، وهي ميدان البيعة «باب جديد»، فعلى مدار الدوار يتواجد فئة من الشباب بملابسهم الرياضية، يلوحون بتواجد «الطراطيع»، بحثنا عن موقف عشوائي لنتمكن من إتمام المهمة، إلا أننا قبل أن نطفئ محرك السيارة إلا وتهافت علينا مجموعة منهم، فسألنا أحدهم عن «الطراطيع» فأخذنا إلى خلف باب جديد، حيث يتواجد حشد كبير من الشباب بجوار مقهى الفيشاوي الشهير، أخذنا «الشارة» كما يطلقون عليه إلى تلك الساحة، لينادي «محمد»، فأخبرته بأننا نريد أن نتعرف على أنواع الطراطيع، فأعطانا نبذة عنها، إلا أنه رفض أن نصوره، وهنا أحاطنا عدد من أصحاب المصلحة برفضهم تناول هذا الموضوع، أخبرناهم بأننا نريد التعرف فقط ولن نصور أحدا دون رغبته، وسنكتفي بحديث معهم، فأخذ «محمد» تعريف أنواع الطراطيع وأخرج لنا كرتونا مخبأ أسفل شجرة حرصا على عدم وقوعه أثناء أي تفتيش مباغت قد يحدث على حين غرة، أخذ «محمد» يسرد الأنواع فأوضح أن من أهمها هي «القنبلة» الصواريخ والفحمات والفراشة فهي تباع باستمرار، ولاحظنا أن أي قطعة لا تقل عن 80 ريالا، إلا أنه أشار إلى أن الأطفال يتهافتون الآن على شراء (TNT) وهو من الأنواع المفضلة وأسعاره عالية جدا، يتميز عن غيره من هذه الألعاب بصوته القوي جدا الذي يوازي أصوات صوت القنابل الحقيقية. «بسام» شرح لنا عن نوع آخر يسمى «عزوز» ولا يقل صوته قوة عن صوت (TNT) إلا أن انفجاره في الجو يصدر ألوانا متعددة، مؤكدا أنه لا يزال هناك إقبال على اللعبة النارية «نجوم الليل» التي يفضلها الصغار جدا. «بسام» استرسل في حديثه قائلا إنه لا يأخذ إلا نسبة البيع، فهو لا يملك هذه البضاعة، إلا أن اصحاب «الطراطيع» يطلبون منهم زيادة الأسعار في كل يوم وخصوصا في آخر 10 أيام من شهر رمضان، حيث يزداد الطلب على الألعاب النارية من قبل الزبائن من أجل عيد الفطر المبارك، مشيرا إلى أن أصحابها يجنون في اليوم الواحد 1500 - 2000 ريال. تحدثنا إلى عدد من المشترين الذين قابلناهم بكثرة.. بداية أوضح «صالح» أنه يأتي إلى هذا الموقع كل عام من أجل الشراء له ولأخوانه، إلا أن يشير إلى أنها غالية جدا هذا العام، فالألعاب التي اشتراها العام الماضي ب50 ريالا أصبحت ب100 ريال هذا العام. «عبدالقادر» أشار إلى أنه يأتي هنا للشراء بالجملة ليبيعها في شمال جدة حيث يفضلها الكثير ويستطيع أن يجني أرباحا جيدة. من جانبه أكد الناطق الإعلامي بشرطة محافظة جدة الملازم أول نواف البوق أن شرطة محافظة جدة تواصل ملاحقة باعة الألعاب النارية أو ما يسمى «الطراطيع» من خلال دوريات سرية ورسمية تم توزيعها على مواقع متعددة وفق خطط عمل. مشيرا إلى أنه من بين هذه المواقع التي يتم رصدها هي دوار البيعة بحي البلد والمحمل والأسواق القديمة بباب مكة وباب شريف، لافتا إلى أن هذه المناطق تمثل أماكن التوزيع الأساسي لتلك الطراطيع. ونوه إلى أنه تم ضبط مخازن ومستودعات استخدمها باعة هذه الألعاب لمواراتها عن الجهات الأمنية وإخراج الكميات بالطلب حسب حاجة السوق، مشيرا إلى أن أحد المقبوض عليهم أكد ذلك وأبان أن معظم الذين يقومون بشراء هذه الألعاب هم من الكبار الراشدون ولكنهم يأتون برفقة أطفالهم ليختار الأطفال نوعية الطراطيع. وذكر أن هناك أنواعا متعددة منها لناحية الصوت واللون وأن منها ما يطير وينفجر في السماء وبأسعار مختلفة. منوها بأن استخدام هذه الألعاب من قبل الأطفال يمثل خطرا على حياتهم وتعريضا لحياة الآخرين للخطر لما تحتويه هذه المفرقعات من مواد سريعة الاشتعال دائما ما تتسبب في حوادث مفزعة، مطالبا أولياء الأمور بإيجاد وسيلة ترفيه سليمة وآمنة لأبنائهم. لذا تحرص الشرطة على العمل باستمرار للقضاء على أي ظاهرة تخل بالأمن، داعيا المواطنين إلى ضرورة الإبلاغ عن هؤلاء الباعة حفاظا على سلامتهم وسلامة أبنائهم.