أوضح سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ أن تفطير الصائمين عمل جليل وصالح والتنافس فيه خير، مطالبا بأن تكون باعتدال، ومحذرا من أن يكون فيها إسراف زائد. وقال مجيبا على أسئلة قراء «عكاظ الأسبوعية»: في الحرمين تقام موائد عظيمة، لكن يخشى أن يكون فيها إسراف وكثرة زائدة؛ لان الكل يحب أن ينفق في بيت الله الحرام، لكن ينبغي الاعتدال في النفقة، وإذا كان الحرمان قد استكفيا مما انفق فيهما، فلتنقل إلى أماكن أهلها في أمس الحاجة لذلك. وحذر سماحته من إعطاء الزكاة للمتسولين في الشوارع كالذين يقفون عند الإشارات؛ لأن فيه إعانة لهم على وضعهم السيئ مع قدرتهم على الاكتساب، لافتا إلى أن هؤلاء لا يعانون على باطلهم، إلا أنه أجاز إعطاء الزكاة للمتسولين في المساجد إذا تم التأكد من حالهم، أما إذا شك المتصدق في حالهم فيعطيهم من الصدقات العامة.. فإلى التفاصيل: بالنسبة لتفطير الصائمين في رمضان ما حكمه وأثره في حياة المسلم، علما بأن البعض يطلب مبالغ لتوفير إفطار الصائمين في الحرمين؟ تفطير الصائمين عامل صالح جاء في حديث سلمان أن النبي قال في فضل رمضان (من فطر صائما كان له أجره ، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء)، فهذا عمل طيب والتنافس فيه خير، لكن ينبغي أن يكون باعتدال، ففي الحرمين تقام موائد عظيمة للإفطار لكن يخشى أن يكون فيها إسراف وكثرة زائدة، لان الكل يحب أن ينفق في بيت الله الحرام، لكن ينبغي الاعتدال في النفقة، وإذا كان الحرمان قد استكفيا مما انفق فيهما، فلتنقل إلى أماكن أهلها في أمس الحاجة لذلك. قضاء رمضان أفطرت في رمضان قبل سنتين خمسة أيام ولم أقضها حتى الآن، فماذا علي الآن؟ إذا كان تركك القضاء لعذر شرعي بتوالي الأمراض وعدم القدرة، فعليك أن تقضي فقط، وإن كنت تكاسلت في القضاء حتى مضى هذا الوقت كله، فعليك أن تطعم عن كل يوم مسكينا. زكاة السائمة هل تجب الزكاة في ماشية تسرح، لكنها لا تأكل شيئا ولا تجد إلا القليل؟ يقول العلماء: السائمة هي التي ترعى الحول وأكثر بنفسها لا يقرب لها ماء ولا علف، وإنما ترعى من البر تأكل النبات وتشرب الماء، فإن قرب العلف والماء لها فإنها لا تعد سائمة إن كانت للتجارة زكى عليها، وإن لم تكن كذلك فلا شيء عليها. عمال البلدية اتصدق على عمال البلدية الذين هم في المدينة وهذا من الزكاة، فهل أعتبر أني أبرأت ذمتي في ذلك؟ إن كانوا كلهم مسلمين فنعم، وإن لم يكونوا مسلمين فالصدقة ولا الزكاة لا تحل إلا للمسلم، أعط غير المسلم من غير الزكاة. الصدقة على المتسولين ما حكم دفع الصدقة للمتسولين في الشوارع والمساجد؟ المتسولون في الشوارع كالذين يقفون عند الإشارات أرجو ألا يعطوا شيئا من هذا؛ لأن فيه إعانة لهم على وضعهم السيئ هذا مع قدرتهم على الاكتساب هؤلاء لا يعانون على باطلهم، أما المتسولون في المساجد فمن غلب على الظن حاجتهم أعطوا من الزكاة، وإذا شككت في ذلك أعطهم من الصدقات العامة. المسلمون في الخارج بالنسبة لبعض الدول الأوروبية عندما تصرح اللجنة التي تقوم على إعلان بداية شهر رمضان بأنها تعتمد على الحساب الفلكي، وهذا مدون في موقعهم الرسمي؛ فهل نعتمد عليهم؟ يا إخواني الأصل إن الإنسان يصوم بصوم أهل بلده؛ فإذا كان أهل بلده هكذا ماذا يعمل؟ وإلا فالحقيقة الاقتداء بالمملكة التي هي والحمد لله الدولة الوحيدة في إثبات الأهلة بالرؤية الشرعية، دخول رمضان وخروجه، ودخول ذي الحجة؛ فالمملكة العربية السعودية هي غريب عن العالم؛ لأنها تطبق الشرع في رؤية الهلال اقتداء بقول النبي: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته»، ولهذا هلال شعبان رئي مساء الأربعاء، رآه خمسة شهود، ثلاثة في بلد واثنان في آخر، ولم يكن بينهم أي اتصال، بل رؤية واضحة جلية، لكن من كان في بلد، ويخشى من انقسام أهلها؛ فهذا مغلوب على أمره. رؤية الهلال رؤية الهلال هل من الواجب أن تكون بالعين المجردة؟ وماذا عن رؤية الهلال بمساعدة التلسكوب؟ وأيضا لو تم استخدام الحسابات الفلكية، فمثلا بالحساب يمكن تحديد موعد ولادة الهلال، وكما تعرفون لكي يمكن رؤية الهلال لا بد أن يكون عمره 7 ساعات؛ لذا فلو ادعى أحد أنه رأى الهلال قبل ذلك فهل يكون كاذبا. نبينا صلى الله عليه وسلم قد أوضح لنا بجلاء فقال: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا الشهر ثلاثين يوما فأمرنا أن نصوم برؤية الهلال، وأن نفطر برؤية الهلال، وقال: إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فالعين المجردة هي الأصل، وإن استعين بأجهزة تعين على الرؤية البصرية فلا مانع، أما الحساب الفلكي في شريعة الإسلام فمرفوض بإجماع المسلمين، وأنه لا عبرة بالحساب، ولا يقام عليه وزن، وهذا أمر أجمع المسلمون عليه، فالحساب لا يعول عليه في إثبات شهر رمضان ولا في خروجه، ولا في إثبات شهر ذي الحجة؛ لأنه أمر مخالف للشرع، ونحن قد هدينا إلى سبيل يسير وهو الرؤية البصرية، صوموا إذا رأيتموه وإذا رأيتموه فأفطروا، وأما الحسابات الفلكية ففيها من التناقض والاختلاف والاضطراب وصعوبتها، وعدم تمكن الكثير من فهمها، بخلاف الرؤية فإن أمرها جلي واضح؛ ولهذا بلادنا ولله الحمد لا تزال تطبق هذه السنة، ففي شهر رمضان الحاضر ثبت رؤية هلال رمضان من أكثر من سبعة أشخاص من مختلف أنحاء المملكة، هذا الذي أعلن عنه، وقد أتى شهود كثيرون كلهم رأوه رؤية بصرية، وقد وثقوا، وزكوا من قبل المحاكم الشرعية، فالحمد لله على موافقة شرع الله واتباع سنة رسوله صلى الله عليه وسلم. خيطا الفجر هل هناك خيطان للفجر كاذب وصادق، وما علامتهما؟ قالوا إن الفجر الكاذب يكون مستطيلا من المشرق إلى المغرب؛ ولدقته يقال له ذنب السرحان، ويكون الفجر الصادق بعده، وهو مستقيم من الجنوب إلى الشمال، نوره يضيء ويزداد نورا بخلاف الفجر الكاذب، فإنه مستطيل وفوقه ظلمة، ما يلبث أن يختفي. النية بالصوم هل تلزمني النية بالصوم عن كل يوم من أيام شهر رمضان أم تكفي النية من أول الشهر؟ نية المسلم من أول شهر رمضان نيته صيام الشهر كله، ما لم يطرأ عليه ما يوجب الفطر من سفر أو مرض أو نحو ذلك، وإلا فالأصل أن نية المسلم من أول الشهر نية لصيام الشهر كله؛ ولهذا هو مستحضر في قلبه في كل ليالي رمضان، مستعد لسحوره وصيامه، لا يشك في ذلك. آداب الصيام سماحة الشيخ، نرجو بيان بعض آداب الصيام المستحبة حتى ننتفع بذلك؟ جزاكم الله خيرا. من آداب الصيام المستحبة تأخير السحور، بحيث ينتهي منه قرب طلوع الفجر الثاني، والتبكير بالفطر، ومن السنن أيضا الإكثار من ذكر الله والتسبيح والتهليل والتحميد، وتلاوة القرآن، وفعل أنواع الخير، وأعظمها صلاة التراويح والمحافظة عليها. الشرب بعد الآذان قبل سنوات مضت استيقظت من النوم في شهر رمضان وأنا غير متأكدة هل أذن للفجر أم لا؟ وشربت عصيرا وبعده سمعت إقامة الصلاة، أفيدوني حفظكم الله؟ عليك قضاء هذا اليوم ولا يلزمك شيء، وعليك تحري الوقت بعد ذلك. صيام ثلاثة أيام هل يجزئ صيام ثلاثة أيام من كل شهر متفرقة؟ لو صام المسلم في أول الشهر وفي وسطه وفي آخره أجزأه؛ لأن في حديث أبي هريرة: وأن أصوم من كل شهر ثلاثة أيام، لكن في حديث أبي ذر بين أنها في اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، فمن واظب على الأيام البيض فحسن، ومن فرقها فلا شيء عليه. صوم الصغيرة علي عدة سنوات لم أصمها وأنا صغيرة، ولا أعلم متى جاءتني العادة الشهرية، فماذا يجب علي الآن؟ المرأة يجب عليها الصوم إذا بلغت بالحيض أو الاحتلام أو ببلوغ خمس عشرة سنة، وعليك أن تتحري، وصومي إذا كان عليك قضاء عن الشهور التي لم تصوميها، ومع كل يوم من أيام القضاء عليك إطعام كيلو ونصف من الأرز أو القمح. المرأة والمطبخ تقضي المرأة المسلمة غالبا كثيرا من وقتها في المطبخ مشغولة بإعداد الأنواع المختلفة من الأطعمة فيفوت عليها اغتنام أوقات شهر رمضان، فهل من توجيه للمرأة المسلمة؟ شهر رمضان شهر مبارك وموسم عظيم نوه الله بذكره في كتابه: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته: إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين، وهذا لفظ البخاري ولفظ مسلم فتحت أبواب الجنة، وهي عند البخاري من طريق أخرى، وزاد الترمذي: وينادي مناد من السماء يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة. وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) وفي رواية: (من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) أخرجاه في الصحيحين أيضا وكلاهما عن أبي هريرة رضي الله عنه، والنصوص في بيان فضل شهر رمضان وأنه زمن فاضل تضاعف فيه الأجور وتكفر فيه السيئات كثيرة جدا، والمقصود أن المسلم والمسلمة حري بهما استغلال هذا الشهر أيما استغلال، وألا تضيع عليهم أوقاته الفاضلة فيما لا ينفعهم من الاشتغال بفضول الكلام، أو الاشتغال بأشياء مفضولة يمكن تأجيلها أو الاستغناء عنها. أما بخصوص انشغال المرأة في المطبخ، فهذه إذا كانت تنشغل بإصلاح الطعام الذي تحتاجه ويحتاجه أهل بيتها فهذا عمل صالح، وهي مأجورة عليه إن احتسبت، ومع ذلك فيمكنها مع الطبخ أن تعبد الله بالذكر والدعاء، وأيضا تلاوة القرآن، فكلها لا تتعارض مع الطبخ. لكن هنا تنبيه لبعض أخواتنا المسلمات هداهن الله ممن يشغلن أوقاتهن، ويضيع عليهن أكثر النهار في إعداد فضول الأطعمة والتفنن في صنع الأصناف المتعددة، ما يتطلب منها وقتا كثيرا، وهي ليست في حاجته بل يمكن الاكتفاء باليسير عنه، فالله الله بالحرص على استغلال هذا الشهر. جعلنا الله وإياكم ووالدينا وسائر المسلمين فيه من المقبولين ومن عتقائه من النار إنه سبحانه جواد كريم بر رؤوف رحيم.