الحديث عن رمضان ذو شجون لكبار السن، يحلو لهم استعادة شريط الذكريات والأيام الخوالي ويهتاج بهم الحنين وهم يشاهدون التحولات الكبرى التي حدثت خلال الحقب الماضية.. هنا في جازان مجموعة من كبار السن يستعيدون ذكرى تلك الأيام منهم أحمد جابر (80 عاما ) يقول: أغلبنا كانوا أميين لا نقرأ ولا نكتب نعمل على رعي الأغنام وحرث الأرض نعرف دخول شهر رمضان برؤية الهلال وتبتهج النفوس ويتغير كل شيء في حياتنا نعد العدة لصلاة التراويح في مكان ينظم بالأحجار على شكل مسجد. قلوبنا تسودها الطمانية وبعد الانتهاء من الصلاة نجتمع مكان يتوسط العشش التي نسكن فيها حتى منتصف الليل وبعد ذلك يخلد الجميع للنوم لحين وقت السحور ويكون التنبيه به عن طريق أحد شيوخ القرية الذي يتنقل بين العشش معلنا موعد السحور. قسمة الزاد يتذكر عبدالله جبران (78 عاما) ليالي رمضان زمان بقوله: كنا نستقبله بكل فرح لأنه شهر عبادة وخير ويجتمع فيه الأقارب، كنا نجتمع في مكان واحد وكل واحد يأتي بالموجود من الطعام فالبعض يأتي بالتمر والبعض بالخمير وحليب الأغنام وآخر بالسمن والعسل ونجتمع سويا للإفطار، لم نكن نعرف السمبوسة والعصائر وعلى الرغم من قلة الزاد إلا أن الصائم كان دائما في صحة ونشاط، حيث نقوم برعاية الأغنام وحرث الأرض من الفجر إلى قبل غروب الشمس دون شعور بالتعب والإرهاق عكس حال بعض شباب اليوم، وكانت الألفة والمحبة بين الناس أكثر من وقتنا الحاضر، نتقاسم لقمة الزاد ونعيش على الفطرة ولا نعرف التلفاز ولا المسلسلات. بعد أداء صلاة التراويح نأوي إلى مضاجعنا حتى وقت السحر، ومن ثم يبدأ كل في شغله حتى وقت الإفطار. أين المدفع أحمد محمد (65 عاما) ارتبطنا بالمدفع الرمضاني منذ زمن طويل، كان هو النداء الأول الذي نسمعه، نظرا لانعدام الكهرباء عن قريتنا والقرى الأخرى كنا نتطلع إلى صوت المدفع الذي يدخل البهجة إلى قلوبنا، وما زاد تعلقنا به أننا كنا نرى المدفع قريبا وأستغرب الآن اختفاءه عن ملامح رمضان، فقد كان يمثل لنا مظهرا رمضانيا رائعا، وأتمنى من المعنيين إعادته إلى سابق عهده حتى يراه أولادنا ويتعرفوا عليه. أما هادي جابر 77 عاما، فقد تذكر طقوس استقبال الشهر عندما كان صغيرا «نأخذ إفطارنا ونجتمع مع أبناء القرية في مشهد اجتماعي بديع، أسماعنا ترقب صوت المدفع إيذانا بقرب الإعلان عن موعد الإفطار ونحن جالسون على مائدة في الهواء الطلق نتجاذب أطراف الحديث.. عندما أتذكر تلك الأيام وأقارنها مع أيامنا هذه أشعر بالحسرة !)