تتكئ مدينة «الورد» على كنوز من التراث السعودي الأصيل، وهي التي تتمتع بمقومات حضارية وسياحية وأثرية، وتتميز بمبانٍ ذات الطابعين الروماني والعثماني العريقين، بجانب الرواشين الحجازية، وتستمد عبقرية مكانها من موقعها الاستراتيجي بالقرب من مكة، فقد ظلت الطائف محتفظة بتاريخ حضاري ضارب بجذوره في القدم وكان لتاريخها العمراني نصيب كبير من هذا التاريخ. فالزائر لعروس المصائف يشهد بوضوح ذلك الطابع العمراني المميز الممزوج بين الحجازي والروماني، حيث تعكس «الرواشين» الحجازية لمحة من تلكم الحضارات التي تعاقبت على تلك المدينة التي كتبت تاريخها وآثارها في كل العصور بأحرف من نور، إلا أن هذا التاريخ بات في المحك بعد أن بدأ يتأثر بعوامل الطبيعة والتعرية البيئية والإهمال من الجهات المختصة، ما حدا ببعض المهتمين إلى توجيه صوتهم لكل القائمين على أمر الآثار في المنطقة بضرورة الالتفات لتلك الآثار التي تحتاج إلى عناية ورعاية خاصة. يقول ل«عكاظ» العضو المؤسس لجمعية حماية التراث السعودي مناحي القثامي إن 90 في المائة من آثار ذلك التراث العمراني للرواشين في الطائف اندثر تماما بسبب الإهمال، وأضاف: «أقولها بكل مرارة وبكل أسف إنه لا يوجد اهتمام بالآثار لدينا». وأرجع القثامي اختفاءها لعدة أسباب، منها التوسع في العمارة الأسمنتية وعدم وجود مهندسين مهتمين بهذا التراث الجميل الذي يحفظ هويتنا بين شعوب العالم، إضافة لضعف المخرج التعليمي في صقل مواهب المهندس السعودي بتصنيع الرواشين، كذلك إلى غياب الوعي بتكثيف الاهتمام بالرواشين من خلال اللقاءات الدورية والاجتماعات التي تفعل هذا الإرث السعودي وتهتم به. وكشف القثامي، عن أن هناك اختلافا بين ما هو موجود منها في مصر القديمة والرواشين التي في مكةوالمدينةوجدةوالطائف، حيث إن الأخيرة لها طابع حجازي مغاير منذ القدم، مشيرا إلى أنها استفادت من خصوصية المعمار الإسلامي وكونت لها شخصية، فأصبح لها ما يشابهها في مصر القديمة أثناء حكم المماليك لمناطق الحجاز. وقال إنها بعد ذلك اتخذت لها مسارا معينا وتكون هذا المسار من خلال إبداع الفنان الحجازي وظهر إبداعه جليا في ذلك الوقت في بيوت الأغنياء والفنادق، مبنيا أن النسبة الكبيرة منها اختفت واندثرت تماما ولا تشاهد سوى في قصر شبرا التاريخي وقصر الكعكي وبعض البيوت القديمة في المنطقة التاريخية. التراث و«الأدب» النادي الأدبي بالطائف سبق أن قام بتسليط الضوء على هذه القضية وذلك قبل ثلاثة أعوام في محاضرة علمية عن الرواشين، والتي أجمع خلالها عدد من المهتمين والباحثين على أن أجمل ما يميز عمارة مدينة الطائف التاريخية هي الرواشين.