أكد نائب الرئيس السوري السابق عبدالحليم خدام في حوار ل«عكاظ» أن نظام الأسد بدأ يلجأ إلى التصفية الطائفية في المناطق الساحلية، بهدف إنشاء الكيان العلوي في حمص. وحمل خدام العالم مسؤولية ما يجري في سورية، معتبرا أن واشنطن لو أرادت أن تحسم الأزمة السورية لفعلت مند فترة. وحذر من تنامي السيطرة الإيرانية على سورية، داعيا الدول العربية إلى ضرورة التدخل لوقف المد الإيراني، مؤكدا أن الهدف الإيراني هو السيطرة على الشرق الأوسط، وسورية هي البوابة. فإلى تفاصيل الحوار: باعتبارك من بانياس، ارتكب النظام قبل أسبوع مجزرة مخيفة في البيضا، فما هي حاجة النظام إلى مزيد من الدماء؟. أؤكد لك أن من قتلوا في قرية البيضا يتجاوز عددهم 600 قتيل، وليس كما ورد في وسائل الإعلام بالعشرات، فقوات النظام استخدمت المدفعية والبوارج البحرية في ضرب هذه المدينة، ثم دخلت عناصر الشبيحة وارتكبت المجرزة، أما الهدف من هذه المجزرة حقيقة هو تهجير السنة من هذه المنطقة وكل المناطق الساحلية. فالنظام يعمل منذ فترة لخلق البيئة الجغرافية والأمنية من أجل إقامة الدولة العلوية. والمجزرة الأخيرة تأتي في هذا السياق، لكن الأسد لن يتمكن من تهجير السنة من مناطقهم. هل تعتقد أن النظام يفكر في البقاء مجددا بعد كل هذا خصوصا؟. النظام يحاول بشتى الطرق البقاء بأي شكل من الأشكال، وبشار يعتقد أن إقامة الدولة العلوية ستحميه من الشعب السوري، والخطة الأسدية، هي السيطرة على حمص كمركز للدولة العلوية، على أن يكون الخط العلوي يمتد من المناطق الساحلية شمالا حتى حمص في الوسط إلى شمال لبنان جنوبا مع الحدود على البحر الأبيض المتوسط، وهذا ما يفسر دخول حزب الله على خط الحرب في سورية في الآونة الاخيرة. هل لك أن تطلعنا على طريقة النظام في التفكير حول الدولة العلوية؟. نظام الأسد نظام طائفي، ولم يفكر يوما بغير الطريقة الطائفية، هو يعتقد أن تفريغ السنة من المناطق الساحلة يمهد ويسهل الطريق لإقامة دولته، ويرى أن سورية تتفتت، فالمناطق الشمالية في حلب وإدلب أنهكها الدمار والقصف، وكذلك الشرق في دير الزور أجهز على كل مقومات الحياة، ولم يتبق سوى المناطق الساحلية طرطوس واللاذقية، على أن يتم ربطها بحمص، وبهذه الطريقة يعتقد أنه يحمي نفسه. هل سيوافق العالم على هذه الفكرة، خصوصا وأنها لن تحسم الصراع بل ستعمل مزيد من القتل؟. العالم لا يكترث لما يجري في سورية، أمريكا تعيش في عالم آخر، رغم أنهم يدركون خطورة ما يجري، إلا أنهم لا يتحركون وفق خطورة الوضع في سورية. وحسب رؤيتي أمريكا تريد تسليم المنطقة للإيرانيين. إذا كانت حقا أمريكا تريد تسليم المنطقة للإيرانيين.. فماذا عن إسرائيل؟. لم يحدث في تاريخ إيران أنها هددت أمن إسرائيل، بل أؤكد لك أن إيران ضمانة قوية لأمن إسرائيل، والتعامل الإيراني الإسرائيلي بدأ منذ الثورة الإيرانية 1979، حين دعمت إيران بالسلاح. إلى هذا الحد تسيطر إيران على النظام السوري؟. يمكنني القول إن إيران هي صاحبة القرار في سورية الآن، بالاتفاق مع روسيا، حتى في الميدان تلعب الدور الرئيسي، وهناك معلومات مؤكدة على أن غرف العمليات العسكرية في حمص وغيرها من المدن التي يدور فيها قتال شرس، يسيطر عليها ضباط من الحرس الثوري الإيراني. وكيف تتوقع موقف الضباط السوريين من حجم هذا التدخل المستفز؟. معظم القيادات العسكرية في الجيش والاستخبارات من الطائفة العلوية، وهم بشكل أو بآخر يحتكمون إلى سلوك الأسد الذي سلم الدولة لإيران، ويمكنني القول إن 90% من قيادات الجيش والمخابرات علويون.. ومن هنا دخلت إيران وسيطرت على النظام وأدارت الصراع، وهذا كذلك بدعم عناصر حزب الله اللبناني. لكن في الآونة الأخيرة قدمت أمريكا بعض المساعدات للثوار.. ما تعليقكم؟. ما هذه المساعدات!! طعام ودواء!! هل الثورة السورية والجيش السوري الحر بحاجة إلى الطعام والأسلحة غير الفتاكة؟ هذه ليست مساعدات هذا هروب من مسؤولية ما يجري في سورية.. السوريون لا يريدون طعاما وإنما سلاحا حقيقيا نوعيا لإسقاط نظام بشار. أما الذريعة الأمريكية بوجود متطرفين فهي ذريعة كاذبة. كيف يتذرعون بالتطرف ولا يوقفون القتل.. أيهما أكثر خطورة؟. أمريكا لا ترغب التدخل وتقدم مبررات.. هم يتحدثون عن حماية الأقلية والخوف من المتطرفين في المرحلة المقبلة بعد سقوط الأسد وإذا كان الأمر كذلك. من يحمي الأكثرية السنية من قتل النظام؟. إنها مقاربات غير منطقية على الإطلاق. إذن ما المطلوب دوليا من الأزمة السورية؟. حسبما أرى وما يجري على الأرض الكل مجمع على تفكيك سورية. وتحطيم الدولة، لأن الدور التاريخي لسورية في المنطقة يجب أن يغيب. هذا يعني أن الدولة السورية انتهت؟. مازال هناك بصيص أمل في الحفاظ على سورية لو توفرت المساعدات العسكرية النوعية من الدول الغربية وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية، فإن الثوار قادرون على قلب ميزان الصراع.. الثوار قادرون على طرد النفوذ الإيراني وقطع الطريق على إيران السوريون لا يريدون إسقاط الدولة وإنما إسقاط النظام، لكن بشار الأسد يعمل على إسقاط كل شيء في سورية. صرحت بريطانيا أنها ستتجه إلى تسليح المعارضة في حال لم يتحقق الإجماع الأوروبي.. هل تثق بهذه الوعود؟. لكنهم ربطوا مسألة التسليح باستخدام النظام للكيماوي، وقالوا سنسلح المعارضة في حال لجأ النظام إلى استخدام الكيماوي ضد شعبه، معنى هذا المزيد من التردد. ننتقل إلى المعارضة السورية وتحديدا رئيس الائتلاف معاذ الخطيب.. ما هو تقييمك السياسي لأداء رئيس الائتلاف خصوصا مبادرته للحوار مع الأسد؟. بعيدا عن التشكيك في وطنية الخطيب ونزاهته، إلا أنه غير كفء لإدارة العمل السياسي وارتكب أخطاء سياسية جسيمة. هو خطيب مسجد ولا يدرك أبجديات العمل السياسي، وبعد استقالته من الائتلاف يبدو أن أوراقه احترقت. ولا يمكن لا للخطيب ولا لغير الخطيب الدخول في أي عملية سياسية مع الأسد. السوريون لن يقبلوا بأي عملية سياسية تبقي على الأسد مهما كلف الأمر. فما هو تقييمك العام للمعارضة السياسية وتركيبتها السياسية؟. الائتلاف لا يمثل الشعب السوري ولا شعبية له في الداخل. وهناك محاولات لتوسيعه في الفترة المقبلة، وهي محاولة إيجابية، فالمطلوب من الائتلاف أن يكون أكثر توازنا من الناحية السياسية، فهناك فئة وجماعة معينة تسيطر عليه، وهذا لا يخدم الثورة السورية. وهناك قلق من أن يتحول الائتلاف إلى أداة للتفاوض مع النظام. لذا هو بحاجة إلى وجود شخصيات وطنية حقيقية تمثل رأي السوريين في الداخل. أخيرا.. كيف يمكن حسم الأزمة السورية؟. قلت في أكثر من مرة إن الحسم يتم بطريقتين.. الأولى: ائتلاف دولي بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية وضرب المواقع العسكرية الحيوية للنظام، وبحكم غياب هذا الخيار، فالخيار الثاني: هو التسليح الحقيقي والجدي للمعارضة.. بدون هاتين الطريقتين ستغرق سورية في الكثير من الدماء والتقسيم.