تفاجأت الأوساط الثقافية والأدبية بمدينة جدة من الإقصاء والتهميش الذي تعرضت له شاعرات (العروس) من قبل نادي جدة الأدبي، مساء الثلاثاء الماضي، في احتفالية أقامها النادي بمناسبة يوم الشعر العالمي، مما جعل شاعرات جدة يعبرن عن استيائهن من هذا الإقصاء والتجاهل غير المبرر على الإطلاق -على حد تعبيرهن. وفيما برر رئيس النادي الأدبي غياب العنصر النسائي عن الأمسية بضيق الوقت، واكتفاء رئيس منتدى عبقر المكلف بالتنسيق أن الغياب يعود لاعتذار الشاعرات أنفسهن بسب إجازة الربيع، أكد عدد من شاعرات جدة البارزات عدم تلقيهن أي دعوات للمشاركة من قبل النادي، وهذا ما أكدته عضو مجلس إدارة النادي الدكتورة أميرة كشغري التي وعدت بالعمل مع بقية الأعضاء على تصحيح المسار في هذا الشأن مستقبلا. بداية، أعلنت الشاعرة المعروفة بديعة كشغري في تغريدة كتبتها عبر حسابها في موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) عن استيائها من هذا التصرف الذي اعتبرته إقصاء لا مبرر له على الإطلاق حيث كتبت: «اليوم يحتفي النادي الأدبي بجدة باليوم العالمي للشعر وهو في واقعه احتفاء ب(الذكورية الشعرية) لذا اخترت أن أقاطعه.. وفي وقت لاحق قالت ل «عكاظ»: أعتقد أنه من المعيب أن يكون احتفاء النادي الأدبي بيوم الشعر العالمي مقصورا على الشعراء فقط، ومحصورا في نبرة ذكورية عالية في الشكل والمضمون، ولا سيما أن عامنا الحالي يعد بامتياز (عام المرأة) في الوطن الغالي، حيث سجلت فيه المرأة خطواتها الثابتة في مختلف المجالات، بدءا بمجلس الشورى، ومرورا بالرياضة ومشاركات الأولمبياد، وليس انتهاء بثراء الإسهام في مجال الأدب والبحوث والتأليف، كما لمسنا ذلك في معرض الرياض الدولي للكتاب. والواقع أنني لا أجد مبررا واحدا لإقصاء المرأة الشاعرة عن احتفائية النادي بيوم الشعر العالمي، فهذا لعمري «فعل» غريب يناقض جوهر الشعر ونشيده الذي يؤسس لتناغم الكيان وتكاملية اللغة والمعنى.. والوطن من شرقه إلى غربه، ومن شماله إلى جنوبه، يضم أسماء عدة لشاعرات ينتمين لمدارس مختلفة، ولا أظن أنه سيضن على أدبي جدة بإسهام شاعراته في يوم كهذا.. أما عن أسلوب الاحتفاء، فاعتقد أن ثمة طرائق وأساليب جديدة يمكن تطبيقها بشكل ابتكاري إذا ما أتاح النادي لشاعرات المنطقة مجال الحوار والنقاش في مثل هذي الأمور.. أنا شخصيا قاطعت احتفائية أدبي جدة بيوم الشعر العالمي؛ احتجاجا على هذه الإقصائية، وارتكازا على مبدئي في ضرورة الموازنة بين المشاركين والمشاركات، ليس في يوم الشعر فقط، ولكن في كافة الفعاليات والأنشطة. وفي أما فقالت الدكتورة أميرة كشغري ل«عكاظ» إن ما حدث ليلة البارحة الأولى لا يليق بعصر المرأة السعودية سواء كان ما حدث عمدا أو سهوا، وفي مناسبة كبيرة ومهمة (يوم الشعر العالمي) لأنها مناسبة عالمية ولا مبرر على الإطلاق لهذا التهميش، وقالت إن هذا عائد لعدم إجراء استشارات متكاملة لمعرفة الراغبات من الشاعرات بالمشاركة، وقالت إن منتدى عبقر هو المكلف بالتنسيق مع الشاعرات لكنه لم يكن موفقا على ما يبدو، واستطردت الدكتورة كشغري لكن من الآن وصاعدا سوف نعمل على تشكيل لجنة خاصة تضطلع بتصحيح مسار النادي بالنسبة لهذا الجانب بحيث تتولى تنظيم الفعاليات الشعرية واختيار أسماء المشاركين والمشاركات لضمان وجود أسماء شاعرات من مختلف الأطياف والأعمار، وما حدث بالأمس أعتبره سقطة لن تتكرر. واستطردت هناك في جدة عشرات الشاعرات كان يمكن دعوتهن وإذا اعتذرت واحدة منهن لن تعتذر الأخرى. وخلصت الدكتورة كشغري: «ربما كان هناك ضغط خارجي على النادي لكن هذا لا يجب أن يكون فخا نقع فيه ونلغي المرأة من خارطة فعاليات النادي، والموضوع كان يفترض أن يأخذ جدية أكثر وأشعر بالأسف». في ذات السياق، علقت الشاعرة الدكتورة أشجان هندي على ما حدث بسخرية، قائلة: «أعتقد أن القائمين على تنظيم الفعالية لا يعلمون بوجود شاعرات في جدة، لذلك لم يوجهوا أي دعوات لهن»، مضيفة أن تغييب المرأة المبدعة بهذا الشكل هو الإقصاء بعينه ولا شيء سواه، ويبقى من المؤسف جدا أن يحدث في يوم الشعر العالمي وفي مكان هو المؤتمن على رعاية الإبداع والمبدعين دون تمييز بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى. بدورها، أرجعت الشاعرة زينب غاصب ما حدث البارحة الأولى في نادي جدة الأدبي إلى ثقافة الوصاية الذكورية التي ما زالت تعشعش في عقول البعض -على حد تعبيرها- لافتة إلى أن هذه الثقافة تشكل عائقا أمام المرأة المبدعة بشكل خاص والمرأة السعودية بشكل عام وهو ما لا يتفق مع ما وصلت إليه المرأة من إنجازات في مختلف المجالات ومنها وصولها إلى مقاعد مجلس الشورى مؤخرا. وفي الجانب الآخر، برر عبدالعزيز الشريف مشرف منتدى عبقر في نادي جدة الأدبي غياب شاعرات جدة عن فعالية يوم الشعر العالمي باعتذار الشاعرات أنفسهن عن المشاركة لمصادفة إقامتها مع إجازة الربيع، وقال على سبيل المثال: اعتذرت الشاعرة فاطمة بيومي في آخر لحظة بداعي سفرها خارج المملكة. من جهته، أكد الدكتور عبد الله عويقل السلمي رئيس نادي أدبي جدة أن التقصير كان من قبل الشاعرات أنفسهن، حيث لا يفترض أن يوجه النادي أي دعوات لعضوات الجمعية العمومية لأن باب المشاركة مفتوح لهن على الدوام، لافتا إلى أن ظروف الإجازة هي من منعت العنصر النسائي من المشاركة. وأضاف السلمي أن النادي حرص على مشاركة الجميع ومن جميع أنحاء المملكة لأن المناسبة تحمل صبغة عالمية، ونوه إلى أن من لم يشاركن سبق أن تمت دعوتهن في مناسبات مختلفة وستتم دعوتهن في قادم المناسبات أيضا.