بقيت في عصرنا الحاضر القليل من العادات والتقاليد القديمة التي كان يتمتع بها مجتمع الحجاز بشكل عام والمديني بشكل خاص ومن تلك العادات التي كانت ومازالت في عصرنا الحاضر مستمرة «قيلة الحناء» أو ليلة الحناء، وهي من الليالي الجميلة التي تبقى خالدة في ذهن العروس وتبقى ذكريات تلك الليلة الرائعة، ورغم قدم هذه العادة إلا أنها مازالت مستمرة إلى عصرنا الحاضر مع اختلاف بسيط بسبب التطور مع الملاحظة أن بعض العادات قد تختلف من مدينة لأخرى. ففي تلك الليلة التي يزدان فيه منزل العروس بالستائر والمخدات المطرزة بالقصب الفاخر، تلبس العروس فستانا أخضر اللون أو أحمر أو وردي .. يغطى وجهها ولا يراها أحد، ويؤتى إليها بالحناية لتنقش يديها ورجليها وكل ذلك ولا يراه أحد. وتستمر حفلة الحناء بالعزف المغربي أو العجل أو العدني، ترقص خلالها النسوة على وقع الانغام، ويباشر على الضيوف ب«التعتيمة» وهي عبارة عن حلويات تقليدية وشعبية لأهل الحجاز، كاللدو واللبنية والهريسة والمفروكة، بالإضافة لخبز الشريك وإضافة للجبن والزيتون وباقي النواشف. حيث تقام سفرة كبيرة تحتوي على هذه الأطعمة الأساسية في مثل هذه المناسبات، الى جانب بعض المطهيات المنزلية. وفي نهاية السهرة تزف العروسة وهي داخل خدرها، وتنثر حولها الحلوى، وينشد الحضور: عروسة مكملة حلوة معانيها والليلة بالفرح جينا نهنيها شو حلوه يا خلق ما ينوصف مثله حناج مثل القمر يزهي بلياليها مثل حب الذهب حناج مصبوب تسلم يمين اللي تحنيها غنوا للحلوة وباركوا ليها تستاهل لو جات النسوان تهنيها وبعد عملية الحناء تلف أرجل العروس بقماش خوفا من أن تتسخ ملابسها وما تبقى من الحناء يحفض لكي تأخذه بعض النسوة في الحفل لبناتهن الصغار. وغالبا ما تنتهي جلسة الحناء بهذه الأهزوجة: والخلايق حافينها مثل وردة يا حسنها والعطر يفوح منها وردة مفتحه بغصنها باركوا ليها بعرسها ربي يعينها ويحرسها نقش حناها أحمر وحولها النسوان تفتر يا حلاها لبنية يا حلاها كلنا جينا نبارك ليها