تعتبر التجربة التعليمية اليابانية من أهم التجارب الإنسانية في العالم، وبالتالي هي محط إعجاب واحترام الشعوب الأخرى. وهي التجربة التي جعلت اليابان من أغنى دول العالم اقتصاديا، رغم هزيمتها المرة في الحرب العالمية الثانية، ورغم تموقعها في منطقة تعج بالبراكين والزلازل المدمرة، ورغم أنها بلد بلا موارد طبيعية، ولكن بالعلم والعمل والأخلاق بنيت اليابان وخرجت من الرماد والخراب بشكل أجمل. فالتجربة التعليمية اليابانية تهتم ببناء الأخلاق أولا ومن ثم يأتي التعليم ثانيا. فلا يوجد رسوب في المراحل الأولى في التعليم، خاصة في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة. هناك تركيز على الجانب التربوي والفهم والاستنباط والبحث. فالتنمية الحقيقية والمستدامة لا تكمن فقط في بناء قلاع الاسمنت وإنما أولا وأخيرا في بناء الإنسان المتعلم ذي الأخلاق. فالإنسان هو محور الحياة وهو الذي يعمر الأوطان، بعقله وعضلاته. نحن حاولنا تقليد التجربة اليابانية في المرحلة الابتدائية ولكن بطريقة عرجاء. صحيح، الآن، لا يوجد رهبة من الامتحانات. فلا قلق ولا رسوب، ولكن الشق التربوي لم يتقدم. بل هو في تراجع خطير. سيقول قائل إن العملية التربوية مشتركة بين البيت والمدرسة. ونقول نعم. ولكن ما هي المقررات المدرسية التي تعلم طلابنا فن الحوار والأدب واحترام الرأي المخالف والنظافة وإماطة الأذى عن الطريق والمدرسة وحتى البيت. وبأنه سيؤجر على ذلك. أخيرا.. ما هو المقرر الذي يحرضنا على احترام النظام، وربط ذلك باحترام الإنسان لنفسه، وترسيخ قيم المواطنة الحقة.. وهناك بعض الشواهد التي رأيناها في الأيام الماضية، وفي بعض مواقع الإنترنت، وأخجلتنا، كالذي قد يحدث من بعض الشباب الطائشين الذين يسطون على ممتلكات وسيارات الآخرين، ويعرضون أرواح وممتلكات الآخرين للعبث والخطر. الأمر الذي يجعلنا نجزم أن هناك حلقة مفقودة بين التربية والتعليم ومخرجاته. [email protected]