الأيام لها وجوه كثيرة وهي تبدل وجوهها يوما بيوم فتظهر لنا في كل يوم بوجه مختلف. الأيام تكون أحيانا كالبشر، بعضها لطيف الظل وبعضها ثقيله، وبعضها جميل وبعضها قبيح وبعضها بين بين. وهي تكون كذلك كالأحلام بعضها وردي نصحو على إثره ودم البهجة يضيء في عيوننا، وبعضها كوابيس تهشم منا العظام وتحطم القلب. على تعدد وجوه الأيام التي تمر علينا لا تخلد جميعها في ذاكرتنا، يخلد منها الأقل، ذاك الذي استطاع أن يغوص داخل القلب وأن يدفن نفسه تحت شغافه. من عادة الناس ألا يذكروا سوى الأيام التي عاشوا ساعاتها في سعادة أو في شقاء، وما سواها تمتصه الذاكرة في تلافيفها فما يبقى له شأن داخلها. وشتان ما بين ذكرى يوم جميل بهيج وذكرى يوم مليء بالألم والتعاسة!! تذكر الأحداث الجميلة واستعادة صورها تريحنا، تجلي عن صدورنا كثيرا من الضيق والكدر، بينما تذكر الأحداث السيئة والمؤلمة يضيف إلى كدرنا كدرا آخر، ويدخل إلى صدورنا ضيقا يزيد في ضيقها. من البديهي أن من أراد لنفسه الراحة عليه ألا يتذكر من أيامه سوى أجملها، ولكن هل كلنا نستطيع ذلك؟ هل من السهل أن تنسى يوما بترت فيه أحلامك؟ أو تنسى يوما فجعت فيه بفقد حبيب؟ أوتنسى يوما منيت فيه بمواجهة حقيقة لا تحبها كنت غافلا عنها؟. مرارة تلك الأيام وألم لوعة القلب الذي انكسر خلالها، تجعلك راغبا أن تطرد ذكرها من رأسك، لا تريد حتى أن تتبادل معها الشجار أو العتاب، لكنها تظل رابضة فوق صدرك تطل عليك بوجهها الكالح تصر على أن تناجيها حتى وإن كان بالانصات إلى وقع قسوتها القديم. وهناك أيام يأخذك الحنين إليها، تجد قلبك رغما عنك يتدحرج فوق أرض الشوق مسرعا ليعانقها حيث كانت، ويشرد بك الخيال في رحلة الأوهام فتغمض جفن الحنين لترى أحلامك المبتورة وقد استعادت سلامتها، تضم حبيبك الغائب إلى صدرك كأن لم تفقده لحظة، تغسل قلبك داخل جفنك المغلق، تضمد جراحه، تحنو عليه فتنعش إغماءته بأريج حلم وليد. بعد أن يثمل القلب بالأحلام، تفتح جفنك لتعود إلى واقع مشوب بالضباب وأيام يغلفها الصقيع لا تدفئها وردة حمراء ولا بيضاء. في صباح اليوم التالي تحتسي قهوتك وعلى مد بصرك تركض أمامك الأيام كفرس سباق وشعور بالذنب يسري في عروقك أنك ضعفت أمام أحلامك فتواصلت معها بما يبهجك لا بما يشفيك، وركضت في عالمها بعين الحنين المستسلمة لا بعين التأمل المحايدة. فاكس 4555382-1 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة