لا ينتهي الحب .. ولا يتوقف جريانه في شرايين العشاق .. لا نملك للحب مفاتيح ولا رغبات .. إنه حالة خاصة تقتحمنا فتغير حالنا من حال إلى حال!!. هل تذكر الحب الأول في حياتك .. هل تذكر أول مرة خفق قلبك لابتسامة أو اتسع صدرك لنظرة عين أو تسلل بركان قلق الى جسدك .. هل تذكر الإشراقة الأولى التي اجتاحت كيانك .. والابتسامة الأولى التي ألهبت حماسك ، والنظرة الأولى التي طهرت عينيك؟ هل تذكر التفكير الأول ، وليالي السهر الأولى ، وحالات الأرق .. وساعات الانتظار ، ومسافات الطريق .. وأغاني العشق وابتهالات الحب ونغزات الوله .. هل تذكر اول ركن شهد تلك النظرة ، وأول سهم تسلل إلى أعماقك ، وأول حنين اجتاح كيانك؟ هل تذكرها .. هل تذكر ذاك الوجه الطفولي البريء .. وتلك الجدايل الممشوقة القوام ، والنظرة الحالمة التي دعتك الى كيانها بلا استئذان .. هل تذكر السؤال الأول .. والاجابة الأولى .. ربما لم تكن هناك اجابة .. لكن الحب الأول دائما مليء بالأسئلة خشية العثرات .. ألا زلت تذكر التفاصيل .. كيف تنسى تلك اللحظات الدافئة .. والعيون المسكونة بالخجل ، وذلك الوجه المملوء بالحياء ، كيف تنسى أنك فقدت أجمل عين رأيتها في حياتك ، كيف تنسى والقلب يقطر أسى وشوقا ولهفة .. كيف تنسى .. وقد قضيت سنوات طويلة تبحث عن ذلك الحلم الذي داعب خيالك سنوات طويلة .. كيف تنسى أول نظرة وابتسامة وكلمات .. وقد جعلتها مفردة لا تغيب عن مخيلتك .. كيف تنسى وذلك الركن الذي شهد اللقاء الأول صار مقاما للحب من يومها ولم يتغير حنينك إليه .. كيف تنسى وذلك القلب المفطور الذي استودعتك إياه لازال يزين حياتك في كل مراحلها .. ويظل سرا لا يجد كل من يراه إجابة عنه .. كيف تنسى وقد بحثت طويلا في حيثيات الحب .. فلم أجد أقسى من الفراق .. وفى قواميس العشق .. فلم أجد تعريفا للاشتياق .. وفي فلسفة العشاق .. فلم أجد أمرّ من فقد المحبوب . كيف تنسى كل ذلك وقد كنت شاهدا على حكايتك .. تاه دربك عنها .. تاه عنوانها منك .. تاهت كل وسائلك في أن تجدها .. تعلمين أنه قد يكون ابتعد بمحض إرادته .. وقتها لم يعلم أن السنين التي تلت لقاؤكما الأول ستكون الاصعب والأقسى والأمرّ .. تعلمين أن الدنيا أعطته كل ما يحب .. وأخذت منه أغلى ما أحب .. تعلمين أن كل يوم يمر دون أن يذكرك يسقط من ذاكرته .. وكل لحظة لا تكونين فيها جزءا من خياله تكون الأصعب والأقسى والأمرّ. تعلمين أنه جعل من حكايتكما أسطورة تروى .. وجعلها رواية ترددها الناس جيلا بعد جيل. تذكرين .. هل تتذكرين .. أين التقيتما .. وبمَ تحدثتما .. وعن ماذا سألك .. هل تذكرين بهو الفندق والحديقة .. واستراق النظرات .. هل تعلمين أنكما رددتما العشق وقتها على صوت أفشل المطربين .. كانوا نجوما وقتها .. انتهوا كما انتهت تلك اللحظات التي يبحث عنها . أنت لست طيفا عابرا .. ولست ذكرى مؤقتة .. أنت جزء من كياني يلتصق بوجداني .. في أحد كتبي كتبت حكايتك .. في قصائد شعري نسجت خيوط عشقك ، في خربشات رسمي وضعت ملامحك .. كم أنتِ جميلة وبريئة وفاتنة .. يا الله .. والله لا أنسى ذلك الوجه البريء .. وتلك الملامح الفاتنة .. وتلك الحكايات التي كنا ننسجها بلا مقدمات أو تفاصيل. أنا كما أنا .. أبحث عنك في تفاصيل كل شيء .. بحثت عنك في كل الثنايا .. وقفت على قارعة الطرق .. أينما أكنْ أغصْ في الوجوه .. أبحث في الأعماق .. أتعمد البحث المفصل والدقيق .. كعاشق مجنون أهيم بين الناس بحثا عن ريما .. بحثا عمن وصفها قيس بن الملوح وعشقها جميل وهام بها عنترة وخلّد اسطورتها شوقي .. أبحث عنك في كل مكان وزمان ووقت .. أين أنت يا فاتنة .. قسما بالله قد انفطر القلب شوقا. هل أنت كما أنت .. هل كبرت .. هل أثرت الاثنان والعشرون عاما فيك .. هل تغيرت ملامحك .. هل تبدلت نظراتك .. هل لازلت كما كنت أم السنون فعلت فعلتها بك؟ وإن يكن .. وإن كان كل ما كان .. ستبقين في عيني وقلبي تلك الريما العالقة في الذاكرة التي لا تمحوها السنون. أبحث عن صوتك .. أبحث عن نظراتك .. أجن لرؤية ابتسامتك .. تبا لمن يقول ما الحب إلا وهم كبير .. تبا لمن لا يصدق أن الحب بركان مكتنز الأحاسيس والمشاعر متى ما انفجر فالله وحده يعلم الى أين يقود .. ضاع ذلك الحب مني .. ضاع ولا أدرى متى يعود .. لكنني على يقين بأنني ذات يوم .. سأعثر عليك أيتها الفاتنة .. وسأطفئ كل ما في قلبي من شوق .. ودمتم سالمين.