ترعرعت في كنف والدها الدبلوماسي السابق، وتعلمت منه تقبل الآخر والتعايش المرن مع المجتمعين الأوروبي والأمريكي، أتقنت ثلاث لغات وفازت بلقب أول عربية تتحدث الإيطالية بطلاقة في البرلمان الايطالي، إنها عضو الشورى هدى الحليسي، التي تحدثت ل«عكاظ» في حوار حصري، عن رأيها بشفافية خاصة فيما يتعلق بقيادة المرأة للسيارة، وقالت إنها ترى التطبيق إذا توفرت الشروط، وأيضاً نظام تقاعد المرأة وحقوقها المالية، إلى جانب العديد من القضايا التي تحفظ للمرأة حقوقها.. وهذا نص الحوار: • في البداية من هي هدى الحليسي؟ نشأت في الخارج بحكم عمل والدي سفيراً في عدة بلدان أجنبية منها ايطاليا التي قضيت فيها نحو 17 عاماً، وكذلك لندن التي حصلت من جامعاتها على بكالوريوس تخصص اللغة الفرنسية وآدابها، كما حصلت على الماجستير في اللغة الانجليزية من إحدى الجامعات الأمريكية في نفس التخصص. وبعد عودتي إلى المملكة عملت محاضرة في كلية اللغات الأوروبية والترجمة بجامعة الملك سعود، التي أكملت فيها 22 عاماً ما بين محاضرة ووكيلة لقسم اللغة الانجليزية والترجمة، حتى قدمت هذا العام على تقاعد مبكر، واتجهت للتعاون مع جهات مختلفة منها هيئة الخبراء في مجلس الوزراء، وزارة الإعلام. كما سافرت إلى ايطاليا وبريطانيا وشاركت في نقاش في البرلمان الإيطالي للتعاون الخليجي، وكنت أمثل السعودية وكنت أول عربية وسعودية تتحدث اللغة الايطالية حول الثقافة والعلم واستثمارها لتحسين العلاقات بين ثقافتنا وثقافة الغير، واحترام اختلاف الثقافات بين الشعوب، وكان تقاعدي المبكر بسبب مرض والدي إلا أنه توفي بعد تقاعدي بأربعة أشهر تقريباً. • كيف وقع عليك قرار تعيين امرأة في عضوية مجلس الشورى؟ أسعدني القرار الجديد كثيراً كما أسعد الجميع، خاصة وأنه أتاح لي ولغيري فرصة الالتحاق بهذه المؤسسة العريقة. • من نقل إليك خبر تعيينك بالمجلس؟ لم أعلم بخبر تعييني في الشورى، قبل اتصال الجهات العليا، لطلب السيرة الذاتية والبعض يعتقد بأنني تقاعدت من الجامعة من أجل الشورى، وقبلها كنت في بريطانيا مع أبنائي، ثم تلقيت اتصالات هاتفية من بعض الأقرباء والصديقات الذين باركوا لي دخول الشورى، عندها صدقت الخبر وذهبت لمنزل والدتي لأرى الخبر في التلفزيون، ووجدت أن الفرحة سبقتني عند الأهل، وأعتبر هذه الخطوة مسؤولية كبيرة على عاتقي وآمل خدمة وطني وشعبي بنفس القدر من المسؤولية. • تجسدين الآن رأي المرأة كيف ترين مساندة الرجل للمرأة؟ شخصياً في الواقع لا أفرق بين المرأة والرجل، ونحن جميعنا في وطن ونسعى لأهداف واحدة، ولا أفضل أن يقال هذا موضوع يخص المرأة فلتنظر فيه هي بنفسها، ولابد أن يتشارك الجميع في حل مشكلات المجتمع. • بعد دخولهم مجلس الشورى، ما الملفات التي ستحويها حقيبتك؟ الهدف من تواجد المرأة تحت قبة الشورى، هو التعرف على مكامن الضعف لدى نصف المجتمع خاصة فيما يتعلق بالناحية الثقافية والعلمية، باعتبار إذا لم يتحسن وضع المرأة ثقافياً لا يمكن تحسن المجتمع ككل، لأن المرأة تحمل على عاتقها مسؤولية تربية الأجيال التي تخدم الوطن، إلى جانب محاربة الفقر وهذا أمر أساسي وجوهري. • ما الآليات والأنظمة التي لا تتواءم مع المرحلة برأيك؟ نظام الخدمة المدنية يحوي بنودا قديمة لابد أن تستحدث، وأيضا نظام تقاعد المرأة والتصرف في أموالها لدى المؤسسة بعد وفاتها، الخدمة المدنية ووضع أبناء السعودية من أب أجنبي في الجامعات السعودية، وفي فرص العمل، هذه المشكلات جميعها في حاجة إلى إجابة واضحة وإلى إعادة نظر. • هل تتوقعين دوراً فاعلاً للمرأة في الشورى خاصة في الدورة الأولى؟ إن شاء الله سيكون لنا دور فاعل لأن الأسماء المختارة لها ثقلها، ولها باع طويل في العمل المجتمعي، وبإمكانها خوض النقاشات المفيدة جنباَ إلى جنب مع العضو الرجل من أجل حل الكثير من القضايا بمنهجية وطريقة صحيحة. • وسائل الإعلام أشارت إلى حصر تواجد المرأة في قاعة بعيدة عن حراك القبة.. ما تعليقك؟ هذه إفرازات لما يقال، فمثلاً خلال عملي في الجامعة كنا نشارك في الكثير من الاجتماعات مع أخواننا الرجال عبر الشبكة التلفزيونية المغلقة لأشارك وعملت في الجامعة 12 سنة واجتماعاتنا كانت جميعها عن طريق الشبكة مع الرجال، ونجحنا في إدارة الجامعة ولم يذكر بأننا أقل قدرة طيلة هذه السنوات، لذلك فإن عدم تواجدنا في مكان واحد لا يعني القصور في الصلاحيات، وكثير من الدوائر الحكومية ينجز فيها العمل بين الأقسام النسائية والرجالية عبر وسائل الاتصالات، وأعتقد أن وجودنا في نفس القاعة أو خارجا عنها لا يقلل من مضمون العمل، والجوهر فيما يقدم من عمل، وهذه خطوة أولى في مشوار الألف ميل، ونحن لا نفرض رأينا على المجتمع، خاصة إذا كان هذا المجتمع غير جاهز لتقبل الفكرة، وأنا متأكدة أن هناك كثيرا من الناس ضد هذا القرار وهناك من يحمل في داخله طابعا معينا. • برأيك ما المعايير التي تم تعيين العضوات بموجبها؟ تشمل التشكيلة مختلف أفراد المجتمع وشرائحه المختلفة، وهناك الطبيبة والمحاضرة والعالمة المخترعة وهذه خطوة أولية قابلة للتطوير والتحسين فيما بعد. • ما أبرز الأمور التي اعتمدتها القيادة في ترشيح عضوات الشورى برأيك؟ يمثل مجلس الشورى مكونات المجتمع، وهناك الكثير من القضايا التي تخص المرأة ويجب طرحها ومناقشتها بلسان المرأة وعقليتها وأسلوبها، وخاصة فيما يتعلق بقضايا الطلاق والعنوسة وغيرها من القضايا التي لابد من إشراك المرأة في حلها، ومن تم تعيينهم كعضوات في مجلس الشورى يتمتعن بالخبرة والدراية الواسعة بأمور المرأة وشؤونها. • اختيار 30 عضوة من النساء هل يكفي لتمثيل المرأة في مجتمع كبير كهذا؟ شخصياً أعتبر هذه الخطوة بالتاريخية ورؤية شجاعة من ملك حكيم، ففي الولاياتالمتحدة على سبيل المثال وصل عدد النساء في البرلمانات السياسية إلى 18 في المائة من جملة الأعضاء، وتمثيل المرأة السعودية في الشورى سيمثل ما نسبته ال20 في المائة من العدد الكلي لأعضاء المجلس، وهي نسبة مساوية للعالم الخارجي، ففي الكويت مثلاً نسبة تمثيل النساء يبلغ ستة في المائة وفي البحرين 10 في المائة، لذلك تعد خطوة الملك تاريخية بكل المقاييس. • هل ستدلين برأيك بشفافية ودون ضغوط ؟ سأعمل بما يرضي ضميري وقناعاتي دون أن أرفع صوتي عالياً. • ما موقف الحليسي في قضية قيادة المرأة للسيارة ؟ هذه قضية لابد من حلها عندما يكون المجتمع جاهزاً لمثل هذه الأمور، وأنا شخصياً لست معها أو ضدها، ولن أدعو البنات إليها، وأنا معها متى ما توفرت الظروف والترتيبات المعينة لذلك، ونحن في حاجة ماسة لقيادة المرأة للسيارة خاصة وأن هناك أسرا لا تستطيع تحمل كلفة السائقين، فضلاً عن مشكلات السائق الوافد التي قيدت وضبطت بمحاضر موثقة، ومن هنا أقول نعم لقيادة المرأة ولكن في الوقت المناسب ووفق إعدادات ملائمة، وأناً شخصياً أقود السيارة في البحرين وفي خارج الوطن. • هل ستقولين رأيك صراحة في حال توفرت هذه الشروط؟ بالتأكيد سأبدي رأيي ولن أتراجع في حال توفرت الشروط الملائمة للقيادة، ولكن أقول الفرصة ما زالت غير مهيأة حالياً. • كيف تتخيلين ردة فعل والدك لو أطال الله في عمره تجاه اختيارك في مجلس الشورى؟ عبدالرحمن صالح الحليسي، خدم الوطن موظفا وسفيرا وتعلمت منه احترام الغير والثقافات المختلفة، وكان يمتاز بعلاقات ممتازة جدا بالعديد من المعرف والأصدقاء ليس فقط في المملكة بل خارج المملكة وعلمنا المحافظة على العلاقات الدبلوماسية. وركز على هويتنا الإسلامية، والاستفادة من الأمور الطيبة من عادات الغير وإضافتها إلى المكتسبات الحضارية والثقافية، خاصة وأنه مكث أطول وقت سفيراً للمملكة في بريطانيا وكان بابه دائما مفتوحا للجميع وكان راقياً في تعامله مع الآخرين وهذا ما تعلمانه في حياتنا. • لنتحدث قليلاً عن علاقتك بالوالدة؟ رافقت والدتي (سعاد الحليسي) الوالد في محطاته الخارجية، ودعمته في حياته، وأنجبت له أربعة أبناء (بنتان وولدان) والعلاقة بين أفراد الأسرة قوية لا تعترف بالتفرقة، وهذا النهج مستمر حتى الآن ونجتمع مرة في كل أسبوع لتناول الغداء على مائدة واحدة في منزل الأسرة الكبير. وأنا تزوجت في السعودية بعد حصولي على البكالوريوس في بريطانيا، ثم انتقلت إلى أمريكا لدراسة الماجستير، وكان زوجي يطلب مني العيش في بريطانيا من أجل إجادة أبنائنا اللغات، إلا أنني رفضت الفكرة لأنني أردت أن يفخر أبنائي بالهوية السعودية والتقاليد الأصيلة والمناهج التي تدعو إلى احترام الكبير والرأفة بالصغير. • كيف كان صدى الخبر على أبنائك؟ زوجي هو من دعمني ونقل الخبر لأبنائي.