بعيدا عن عزوف الشباب عن بعض المهن التي تطاردها نظرة المجتمع باستحقار ووصفها بالعيب من قبل البعض، إلا أن يعقوب الحريصي، استطاع أن يتغلب على الحياء من نظرة المجتمع واضعا خلفه نظرات استهجان المجتمع لهذه المهنة، فبذل الجهد وثابر بكل عزيمة وإصرار بعدما انتبه لقطار العمر الذي ظلت تتسارع سنواته، وهو ما زال ينتظر فرص التقديم والمفاضلة ومواعيد الوظائف من منطقة إلى منطقة فيجد أمامه أعدادا هائلة من المتقدمين في كافة القطاعات العسكرية والخاصة والشركات. وأمام هذه التحديات قرر الحريصي أن يشارك أصدقاءه في تملك سيارة نقل كبيرة من نوع فان وأخذ تصريح عليها من قبل البلدية تحت مسمى «بيع شاهي جمر». وعمل الحريصي على تجهيز السيارة بكافة مستلزمات تلك المهنة من «البراريد» المخصصة للشاهي والحطب والسكر والشاهي والماء وخلافه، وبدأ رحلته مع حياته العملية الجديدة، وانطلق يجوب بها شوارع أبها ومحافظة خميس مشيط وحول المنتزهات والمرافق العامة. ويقوم مع شركائه بشب النار من بعد عصر كل يوم وحتى وقت متأخر من الليل وتقديم أنواع من الشاي على الجمر بكافة أنواعه الأخضر والأحمر والمغربي وبالحليب والكافي. ويشير الحريصي إلى أنه وجد إقبالا كبيرا من الزبائن وطلبا متزايدا على ما يقدمه من خدمات، مما دفعه للقيام بالتوسع في شراء سيارات أخرى وشركاء آخرين وتوزيعهم على الطرقات العامة لبيع شاي على الجمر. يقول الحريصي إنه أدخل على المهنة بعض المحسنات كالمعجنات والفطائر المقلية في المنزل وخبز الميفا البلدي لتقديمها مع الشاي، وأضاف: بحمد الله وجدت في المهنة الدخل الجيد وصنعة في اليد أعيش منها عزيزا بدلا من بقائي في المنزل عاطلا وعالة على أسرتي ومجتمعي، حتى أجد الوظيفة المناسبة، أو ربما أستمر في هذه المهنة الشريفة التي دخلها إن شاء الله سيكون كبيرا ومجزيا. وعن تعرضه لبعض المضايقات، خاصة من قبل البلدية في الطرقات العامة، أو من قبل الجهات الأمنية، خاصة بعد منتصف الليل، حيث يجتمع بعض الزبائن في هذه الأوقات المتأخرة من الليل.. قال الحريصي: نجد مضايقات من البلدية في تغيير الأماكن التي نتخذها مقرا للبيع ونضطر للتحرك والتنقل إلى أماكن أخرى تكون قريبة من الأولى، وأيضا بعد منتصف الليل تشدد الجهات الأمنية كالشرطة والمرور على مغادرتنا للأمكنة، ولكن نجد منهم التفهم والتقدير لوضعنا في كثير من الأحيان. وقال: إن المهنة منحتهم معرفة الناس قبل أن تهبهم المال. مشيرا إلى أن معرفة الرجال كنز لا يقدر بثمن، حيث إن العمل وسط قطاع كبير من الناس بمختلف شرائحهم، وكسب الناس ورضاهم عما نقدمه، أكبر مكسب لنا.