لم يحتمل الشاب يعقوب الحريصي، الركض الطويل بحثا عن الوظيفة، خصوصا أنه طرق كافة الأبواب دون جدوى، في الوقت الذي أحس فيه، بأن قطار الزمن يتحرك من تحت قدميه وهو لا يبارح مكانه في انتظار المجهول، وهنا تفتق ذهنه على مزاولة مهنة يعزف عنها المواطنون ويعتبرونها من المهن الوضيعة عملا بمبدأ العيب والخوف من همز ولمز الأقران إنها مهنة «القهوجي» أو تجهيز وبيع الشاي والقهوة على المارة والمتنزهين في المواقع العامة والمنتزهات. وبعد تفكير طويل، اتفق مع أصدقائه على شراء سيارة نقل كبيرة من نوع «فان» وتحويلها إلى مقهى متحرك بعد تجهيزها بكافة المستلزمات، حطب وسكر وشاي وقهوة، بعد الحصول على تصريح من البلدية تحت مسمى «بيع شاهي جمر»، حيث يتناوب مع شركائه على شب النار من بعد عصر كل يوم وحتى وقت متأخر من الليل، وتقديم الشاي المحضر على الجمر بكافة أنواعه الأخضر، الأحمر، المغربي والحليب والكافي. وأوضح الحريصي، أنه وجد إقبالا كبيرا من المنتزهين على مقهاه المتنقل، ما دفعه لشراء سيارات أخرى والتوسع في نشاطه، بعد إشراكه بعض المستثمرين من أصدقائه وتخصيص نقاط بيع على الطرقات العامة وممارسة مهنة بيع الشاي على الجمر، فضلا عن بيع المعجنات والفطائر المقلية المحضرة في المنزل وخبز «الميفا» البلدي الذي يقدم مع الشاي. وأضاف: وجدت في هذه المهنة الدخل الجيد وصنعة في اليد أعيش منها بدلا من بقائي في المنزل عاطلا وعالة على أسرتي ومجتمعي حتى أجد الوظيفة المناسبة، أو ربما استمر في هذه المهنة الشريفة التي دخلها سيكون كبيرا ومجزيا. وأردف، نجد بعض المضايقات من البلدية ونضطر للانتقال من مكان لآخر باستمرار، وأحيانا تطالبنا الجهات الأمنية بمغادرة الأماكن العامة بعد منتصف، ولكننا نجد منهم التفهم والتقدير خصوصا وأننا مواطنون وبيع القهوة والشاي يعد مصدر دخلنا الوحيد فيصرفون النظر في أحيان كثيرة، وخلص إلى القول: «المهنة وهبتنا المال والتعرف على شرائح وأنماط مختلفة من البشر، وعموماً كسب الناس ورضاهم هدف نسعى لبلوغه ونعمل من أجله».