لا يختلف اثنان حول تكامل دور الشقيقة مصر مع الدور السعودي لتحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. فقد ظلت على مدى عقود عدة مركز ثقل مهم في توازن القوة بين الدول العربية وإسرائيل. واستطاعت بالتعاون مع المملكة نزع فتيل الكثير من الأزمات قبل أن تعصف بالمنطقة الملتهبة وتزيدها اشتعالا. ولتبقى مصر كما عهدناها دوما وأبدا منارة للحكمة والوسطية بعيدا عن الغلو، لا بد من أن تتجاوز الوضع الذي تعيشه حاليا، ولن يتأتى ذلك إلا بتحكيم العقل من قبل مختلف القوى المصرية، حتى لا يتفاقم الصراع بينها، ويصل إلى نقطة اللا عودة لا قدر الله فالاحتكام للحشود الجماهيرية في ساحات وشوارع العاصمة القاهرة ومدن البلاد الأخرى يصب الزيت على النار، بدلا من أن يطفئ الحرائق التي قد تقضي على مكاسب دفع الشعب المصري ثمنها غاليا. ومن المؤمل نجاح المساعي التي يبذلها وزير العدل المصري المستشار أحمد مكي للوساطة بين رئاسة الجمهورية ومجلس القضاء الأعلى لتقريب وجهات نظر الجانبين وإزالة سوء الفهم الذي ترتب على الإعلان الدستوري الجديد الذي أصدره الرئيس محمد مرسي مؤخرا. ولا بد من أن توازيها مساع أخرى مماثلة لتطويق الخلاف بين الرئاسة وأحزاب المعارضة وحسمه داخل قاعات الاجتماعات بعيدا عن الاحتشاد الجماهيري المتشنج الذي يؤدي في الغالب إلى عواقب لا تحمد عقباها. فمصر بتاريخها العريق أكبر من كل خلاف عابر أو تضارب لوجهات نظر متباينة. وعلى جميع المصريين أن يراعوا ذلك قبل أن يقحموا بلادهم في نفق قد يصعب عليهم إخراجها منه بعد أن تقع الفأس في الرأس.