في الوقت الذي تم فيه تنصيب دونالد ترمب الذي كان يفتخر باستقلاله ونهجه الفريد في السياسة استعد العالم لبدء مرحلة ثانية وأخيرة له وفقاً للدستور الأميركي، حيث تقرأ توجهات إدارته السياسية الجديدة، وملامح الفترة المقبلة التي تبدو مختلفة تمامًا عن ولايته الأولى، خاصة عندما بدت سلطاته الجديدة أكثر تنوعًا، ففي عام 2016 لم يفز بأغلبية الأصوات الشعبية، ولكن الأمور الآن مختلفة، لقد فاز على أكثر الأصوات منافسة، ودعمت حكومته أجندته بكل قوة، إن هذا أمر غير مألوف بالنسبة للولايات المتحدة، خاصة أن انتخاب ترمب يهدف إلى تفكيك المنظمات الليبرالية في جميع أنحاء العالم ويؤدي إلى المزيد من عدم التحيز للسياسات العالمية. ومثلما توقعت الدوائر السياسية، بدأ ترمب يومه الأول بعشرات من المراسيم والأوامر التنفيذية، التي تترجم وعوده أثناء حملته الانتخابية التي قادته إلى البيت الأبيض، وتناولت هذه المراسيم الرئاسية الهجرة، وإلغاء حق الجنسية بالولادة، وإلغاء حقوق المثليين، وإصدار عفو شامل عن 1500 شخص على صلة بقضية اقتحام مبنى الكابيتول عام 2021، وعلاوة على ذلك إلغاء قوانين تحمي العرقيات، وتقديم إغاثة للأميركيين، وإنهاء الرقابة لحماية حرية التعبير، وأعلن حالة طوارئ وطنية على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة لوقف تدفق المهاجرين غير النظاميين، إلى جانب حالة الطوارئ بالطاقة بهدف خفض التكاليف وزيادة الإنتاج، ولم يغِب عن قراراته إجراءات لمكافحة المهاجرين غير الشرعيين الذين يقدَّر عددهم بنحو 11 مليون مهاجر، واستخدام غير مسبوق للتعرفة الجمركية في مواجهة الاستيراد، ولأن الرئيس الأميركي لا يؤمن بقضية تغير المناخ ونتيجة لهذا ألغى عضوية أميركا في اتفاقية باريس للمناخ، بوصفها اتفاقية غير نظيفة من الأغراض السياسية، وهي تُلحق الضرر، حسب رؤيته الخاصة. التحديات الثقيلة وأزمة السياسات ستقلب موازين الاقتصاد العالمي وتغير من دوائر التكتلات، ومصادمة القوى العالمية، لا شك أنها من أكثر الأسئلة حيوية التي تطرح في هذا الوقت الراهن حول الإدارة الجديدة للولايات المتحدة التي بلا شك ستفوق التوقعات بأساليب عمل مؤسسات الدولة خاصة تجاه هذه الصلاحيات الدستورية التي تملكها الرئاسة، وأسلوب الرئيس ترمب غير التقليدي في الحكم، وقدرته الشخصية على التعبير عن توجهاته، وتغيير مساراته.