يُعرف وزير الثقافة المصري فاروق حسني في الأوساط الثقافية والإعلامية في مصر ب «الوزير الفنان»، على اعتبار أنه أصلاً فنان تشكيلي، إلا أن المفارقة تكمن في ان إطلالات حسني القياسية على شاشات التلفزيون كالمشاهير من فناني السينما والتلفزيون، لا تتعلق بكونه فناناً، بل لأسباب تخصّ وزارته: حريق مسرح، سرقة لوحة، ازدراء حجاب، تطبيع وحرق كتب يهودية، رئاسة اليونيسكو... أحداث متتابعة جعلت من حسني «الفنان» وجهاً تلفزيونياً مألوفاً في وقت تتعالى الانتقادات تجاه ضعف المادة الثقافية التلفزيونية في مصر. يظهر فاروق حسني غالباً أمام الكاميرات، إما للحديث عن أزمة هنا أو مشكلة هناك بعيداً من الحديث عن أي منجز أدبي أو ثقافي كانت وزارة الثقافة داعمة له، ربما لندرة مثل ذلك المنجز أو لعدم اهتمام المشاهدين بأحاديث من هذا النوع. لذا، تنجذب إلى هذا الوزير الفنان كاميرات الفضائيات وتبحث عنه تقارير نشرات الأخبار وتنتظر وقائعه برامج الحوار، بعدما أضحت أخباره وأزمات وزارته وخلافاته مع عدد من مثقفي مصر مادة دسمة للتلفزيون وحتى لوسائل الإعلام المقروءة والمسموعة. مهما يكن من أمر، فلا بد من الاعتراف بأن كل حدث ثقافي مأسوي يبدو وزير الثقافة طرفاً فيه يمكن اعتباره قدرياً في شكل نظري كون المصائب لا تعطي أجراس إنذار قبل وقوعها، وعملياً كون الوزارة تعاني منذ فترة سُقماً وشيخوخة وسوء إدارة، بالتالي يبدو الوزير «مجبراً» على الظهور في هذا البرنامج أو ذاك للرد على منتقديه ومنتقديها. ظهور «الوزير الفنان» على شاشة التلفزيون يعني استقطاب عدد لا بأس به من المشاهدين والخروج بتصريحات ملتهبة وسرد شيق ومردود إعلاني كبير. خلال تنافس حسني على مقعد رئاسة اليونيسكو شحذت القنوات الفضائية والأرضية المصرية طاقتها لدعمه. كما لم يكتفِ الوزير بجذب الكاميرات بعد حادث حريق مسرح بني سويف الذي أودى بحياة أكثر من 35 شخصاً، بل قرر (من دون قصد أو نية) أن يكون حديث الشارع المصري لأيام عدة بتقديم استقالته (التي عاد وتراجع عنها) بعد ذلك الحادث. إلا أن انتقاده الحجاب في بلد يرتدي أكثر من 80 في المئة من نسائه هذا الزي، جعله مجدداً الوجه الأبرز على الشاشات. وبين هذا وذاك لا مانع من أن تكون حياة حسني الشخصية مثار اهتمام تلفزيوني بوصفه «الأعزب الأشهر في مصر». وتتوالى الوقائع ذات الصلة ب «الوزير الفنان» ووزارته حتى كانت المحطة الأخيرة – وربما لن تكون نهاية المطاف - سرقة لوحة زهرة الخشخاش لفان غوغ التي قيل ان قيمتها تبلغ 55 مليون دولار، وتتكرر في وسائل الإعلام خصوصاً التلفزيون جمل مألوفة على آذان المواطن المصري تضم بين ثناياها اسم «فاروق حسني» عشرات المرات. الاختلاف مع الوزير الفنان أو الاتفاق مع آرائه وتوجهاته وأدائه الإداري لا يتعارضان بتاتاً مع أن المشاهد «مش هيقدر يغمض عينيه» خلال حوار أو تصريح له، وقد يضمن هذا انه لن يغيب كثيراً عن الشاشة الصغيرة في حال اعتزل الحياة السياسية لسبب او لآخر!