تناول برلمان الشباب هذه المرة موضوع الشائعات وتأثيراتها السلبية على الفرد والمجتمع، حيث استنكر عدد من الشباب الشائعات التي تنطلق أثناء الأزمات، وقالوا إنهم يتبرأون منها باعتبارها عملا غير أخلاقي. وعرف الدكتور هليل العميري أستاذ قسم الإعلام بجامعة أم القرى الشائعة بأنها خبر يلون لمصلحة القائم بالشائعة بقصد اختبار شيء بعينه، وفي الغالب تكون خبرا، فيما يشترط في الخبر أن يكون جزء منه صحيحا ويقصد به الإثارة، مشيراً إلى أن من شروط خبر الشائعة أن يكون مثيرا ولافتا للانتباه وقابلا للتصديق. ولقد جاءت أهم مداولات البرلمان على النحو التالي: وأضاف الدكتور هليل: خبر الشائعة ينطلق من مصدره إلى المتلقين بطريقة جذابة، ويأخذ الخبر خلال رحلته ألوانا كثيرة وتدخل فيها أشياء كثيرة إما زيادات، سواء تغيير أو تجميل فيه، إلى أن يصل إلى شكله النهائي ، وهناك قياسات للشائعة ومدى تصديقها، فمن أطلق الشائعة يقيس رجع الصدى ويعرف أن الشائعة صُدقت أو لم تُصدق، ويدخل في الشائعة بالونات الاختبار وهو نوع من الأنباء تقدم بشكل معين ويقصد بها قياس رأي عام أو توجه الناس نحو هذا الخبر. والشائعة في الإعلام هي عملية غير أخلاقية لأنها تعتمد غالبا على الكذب، وتجد لها مرتعاً خصبا عندما يكون المجتمع قابلا لتصديق الشائعة، حيث إن هناك شرائح من المجتمع هي الأكثر تصديقا للشائعة، كالأطفال والنساء والأميين وكبار السن وأنصاف المتعلمين، حيث ليست لديهم مهارة تمحيص الخبر أو التأكد من مصداقيته فيصدقونه، فيما بعضهم يتعدى ذلك لتصديق الصور الوهمية وتحليلات المراسلين، إذ يعتقد أن رأي المراسل أو تحليله خبرا فيصدقه. وبحكم مواقع التواصل الاجتماعي (تويتر والفيس بوك والواتس اب وغيرها) أصبحت الشائعة تأخذ صبغة الجدية أكثر من قبل، وتصل إلى أكثر فئات الناس، خصوصاً الأميين، وبالتالي ليست لدى الشخص الذي تلقى الشائعة الفرصة لمناقشتها والتأكد من صحتها، ذلك أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت وسيلة لنقل الشائعة بصفة جديدة وأصبح لدينا فئة أخرى تصدق وهي فئة الشباب لأن الشائعة أصبحت تصاغ بطريقة احترافية وفنية جيدة قابلة للتصديق. وتختلف طرق الحماية من الشائعة بتضافر الجهود، فعلماء النفس لهم دور كبير في التداخل في هذا الموضوع. وإن أكبر وسيلة لحماية الناس من الشائعة هي أن تبني فيهم القدرة على النقد وبخاصة الإعلاميين. ولكن للأسف إن كثيرا من الإعلاميين يتأثرون بها، فلا بد من بث الوعي لدى الشباب بخطورة الشائعة وتنويع المصدر والتحقق منها. مواسم الشائعات • فراس سقاط رئيس المجلس الطلاب بكلية الهندسة بجامعة أم القرى.. هل للشائعات فترات أو مواسم بعينها؟ • الدكتور هليل: نعم للشائعة فترات ومواسم تنمو فيها وتترعرع، كما الفواكه والخضراوات، وأيضا لها أوقات تموت فيها حتى الكوارث الطبيعية لها فترات كما أن لها فترة حضانة مثل الفيروس. • معتز الصاعدي: أقترح أن يكون المصدر موثوقا به. • الدكتور هليل: نعم لا بد إذا كنت تنتظر الخبر وليس لديك وسائل تأكيد فلن تصل إلى الحقيقة. • عبد العزيز العمري: الشائعات سلبية وإيجابية، فمثلا الشخص الذي تعجبه الشائعة يمكن أن يقوم بتداولها ونشرها. • الدكتور هليل: بعض الشائعات تنطلق ويقصد بها قرار سيصدر وبيان تعريفي من الجهات الرسمية ومدى قابلية المجتمع لهذا القرار والخبر في حال صدوره. انتحال الشخصيات • خالد محمد: منتحلو الشخصيات في التواصل الاجتماعي يتوقع الشخص أنهم مصدر موثوق به؟ • الدكتور هليل: لا بد من التحقق من صاحب الحساب أو الذي انتحلت شخصيته عن طريق حساباته الأخرى والتراسل معه، وأنت غير مضطر أن تصدقها حالا، خاصة الشائعات المؤثره، أما الشائعات التي ليس لها تأثير فلا تعني للشخص شيئا. • عبد العزيز العقل: تكثر شائعات الإجازات ولا يوجد وقت للتأكد منها؟ • الدكتور هليل: هناك صعوبة في التأكد منها، خاصة إذا كان الوقت لا يسمح بالتأكد من صحة الشائعة أو كذبها عبر الوسائل الرسمية. • عبد القادر أمين: هناك شخص يصدق الشائعة ويحاول أن يقنعك بها.. كيف ترد عليه؟ • الدكتور هليل: لا بد أن يحارب من أجلها ونعاني من هذا كثيرا، فهو شخص لا هو قادر أن يتأكد من هذه الشائعة ولا هو يتقبل تحليلك لها، فهذا لا بد من ذكر الحقيقة عنده، وتقنعه بالوسائل العلمية الحقيقية وتذكر له المصدر الحقيقي والشائعة أصلا عمل غير أخلاقي وتعتبر جزءا من الحرب النفسية. التأكد من الشائعة • خالد شحاتة: كيفية التأكد من الشائعة؟ • الدكتور هليل: لا بد من الرجوع إلى مصدر الشائعة أو الجهة المعنية بالشائعة إذا كانت الشائعة مهمة تتعامل معها بعقل وإذا كانت لا تهمك فاتركها. أكاذيب ملونة • محمد مصطفى: سبب ظهور الشائعة هو تعدد المصادر وأعتقد ان مواقع التواصل الاجتماعي ليست مصدرا للخبر، وقد تكون أمنية؟ • الدكتور هليل: بعض الشائعات أحلام وأمان ورغبات عند الشخص الذي أطلق الشائعة، ومن الأشياء التي تعيق التأكد من الشائعة أن بعض المواقع والجهات لا تحدث وسائل الاتصال والتواصل معها والعنوان وموقعها، وأن بعض الشائعات مصاغة بطريقة جيدة ولا تدعو للشك وتصبح مقتنعا بها ولا تفكر أن تتأكد ولصياغة الخبر دور فيها مع تطعيمها بأكاذيب ملونة. • حسن الأهدل: نشر الأفكار عن فكر معين أو طائفة معينه بأسماء معروفة ومؤثرة على الناس.. هل تعتبر شائعة؟ وما العمل تجاه بعض الشائعات غير القابلة للتأكد من جهات معينة؟ وما السبب في إقحام النساء لتصديق الشائعات ونشرها؟ • الدكتور هليل: أي خبر غير صحيح وينشر عند المجتمع يعتبر شائعة ونستدل على ذلك بقوله تعالى: (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى) والعدل ليس فقط في الحكم. العدل في الحديث. وأي خبر منقول مضاف إليه أكاذيب بقصد التغيير أو تشويه السمعة هو شائعة، وبالنسبة لبعض الشائعات التي هي غير قابلة للتأكد منها إذا لم تكن مهمة لديك فيجب تركها، وإذا كان يهمك هذا الخبر فلك وسائل التأكد بقدر الاستطاعة. وفي بعض الحالات سواء إذا تأكدت أو لم تتأكد لن يفيدك بشيء. أما إقحام النساء في نشر وتصديق الشائعات فلقد ثبت علميا أن النساء أكثر تصديقا ونشرا للشائعات، لأن النساء غالبا ما يفكرن بالعاطفة والعاطفة غالبا تتعامل مع الخيال. مواقع التواصل الاجتماعي والشائعات • سعود عبدالله: هل مواقع التواصل الاجتماعي سلبية في الشائعات ونشرها؟ • الدكتور هليل: وسائل التواصل الاجتماعي ناقل جيد سواء كانت شائعة سلبية أو إيجابية والناقل يسبب التكرار والانتشار فقط وربما الشخص الناقل يتحكم بالخبر ويضيف له بعض الأكاذيب. • محمد أمين: بالنسبة للشائعات التي تكون مدعومة بالصور والفيديو هل يكون تأثيرها أقوى؟ • الدكتور هليل: نعم أكيد، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (ليس المخبرُ كمن رأى)، والأشياء التي يكون فيها صوت وصورة يكون تصديقها أكثر والأشياء المنقولة أقل تصديقا وكذلك المكتوبة. • محمد السواط: كيف ترى دور الإعلام السعودي في محاربة الشائعات؟ وهل نجح في ذلك؟ • الدكتور هليل: ليس هناك اهتمام بالبرامج الحوارية الشبابية عادة، ويجب أن يكون هناك دور كبير من الإعلام الرسمي لمحاربة الشائعات. وعادة الشائعات لا تكون عن الأفراد بل تكون عن جهات بل عن مجلس معين. ويجب على الإعلام الرسمي أن يتولى الذود عن هذه المصادر التي تولت هذه الشائعة لأنهم هم المصدر الموثوق به في محاربة الشائعات. • محمد السواط: ما هي آثار الشائعات وأضرارها على المجتمع؟ • الدكتور هليل: الشائعات مجموعة من الأكاذيب تدور في المجتمع وتؤثر بلا شك، وكلما كان مصدقوها كثر كلما كان تأثيرها أكبر. وفي المقابل بعض الشائعات تأثيرها محدود. والخلاصة أن موضوع الشائعة يتحكم في حجمها وتوسعها وفي خطورتها. آلية محاربة الشائعات • السواط: إذن ما هي آلية محاربة الشائعات؟ • الدكتور هليل: أن يقوم كل واحد بمسؤوليته، فيما تقوم الجهات المعنية ووسائل الإعلام المحلية بمحاربة الشائعات، علما بأن بعض الشائعات يكون خبرا غير مفهوم وسوء فهم للخبر الحقيقي وصياغته بكلمات خاطئة. • إدريس الصلبي: يعتبر علماء النفس الشائعة سلاحا رهيبا من أسلحة الحرب النفسية التي تؤثر سلبا على معنويات المجتمع الذي تولد فيه، وأنه من الصعب القضاء على هذا السلاح ولكن إصدار البيانات الصريحة والرسمية هي أفضل الوسائل وأكثرها فعالية لمقاومة الشائعة ومواجهتها والحد منها بكل الأحوال، علما بأن الغموض الذي يلف الشائعة وجهل الناس بالحقيقة يلعبان دورا كبيرا في ترويجها وانتشارها، فالأداء الإعلامي النظيف والمدروس بجدية واهتمام بمقدوره أن يحمل مؤثرات إيجابية تعمل على تنمية الوعي العام وتكوينه وتطويره، لذلك نحن بحاجة دائما إلى إعلام مضاد يفضح الإعلام المخادع الذي يستهدف الرأي العام ويعمل على تضليله دون هوادة ولا نكتفي بالتنديد والاستنكار والاستهجان والشجب. وهذا التضليل لا يصنعه المنتفعون والمرتزقة فحسب، بل يصنعه الإعلام المعادي أيضا. • يوسف المطيري: إن نقل كل ما تأتي به مواقع التواصل الاجتماعية دون التثبت من صحة ما ينقل عنها، يوقع الإنسان في دائرة الكذب؛ ومن المعلوم أن التثبت مطلب شرعي؛ لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)، وقد حذر ديننا الحنيف من نقل الشخص لكل ما يسمعه، فعن حفص بن عاصم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع) رواه مسلم. وقال النووي فإنه يسمع في العادة الصدق والكذب فإذا حدث بكل ما سمع فقد كذب لإخباره بما لم يكن والكذب الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو ولا يشترط فيه التعمد. وعلى الإخوة والأخوات عدم نقل الشائعات دون التأكد من صحتها حرصا على المجتمع من جهالة السفهاء. • هشام قدح: الشائعات هي تلك الأقاويل وا?خبار التي يتناقلها الكثير من الناس جهلا أو بقصد ا?رجاف وإخافة ا?منين بغض النظر عن كونها صحيحة أو غير صحيحة. ومن الجهل والسهل تصديق تلك الشائعات التي تنتشر بين المجتمع. ويكمن دور المجتمع في التوعية والرد على تلك الشائعات بتأكيد وتصحيح الأخبار والتأكد من مصادرها. • المهندس وصل القثامي: يقال إن لكل زمن رجاله وبالتأكيد لكل زمن أدواته في الإعلام، ولذا فإن الإعلام الجديد ليس بجديد بل الجديد هي الأدوات المستخدمة في الإعلام. وفي وقتنا الحاضر تبرز بشكل لافت وسائل التواصل الاجتماعي وتكاد تعد المتنفس الأبرز لكثير من الشعوب وذلك للتعارف وتبادل الثقافات المختلفة، ولكن يعاب على هذه الوسائل كثرة انتشار الشائعات التي لا حصر لها التي تؤثر في جميع المجتمعات لا سيما المجتمعات محدودة الثقافة منها. ولعل من أبرز أهداف هذه الشائعات هو التضليل على الرأي العام وإثارة القلاقل وتسري هذه الشائعات عادة إما بسبب ضعف الوازع الديني أو الفراغ أو الجهل مما يتطلب من المجتمعات التصدي لهذه الشائعات بالتثبت من مصادر الأخبار وبالتوعية والإرشاد والثقيف لأفراد المجتمع وعدم التعتيم على الحقائق حتى لا تنشأ بيئة خصبة لانتشار الشائعات.