(1) الله أكبر. الله أكبر. ما أعظم تلك الأماكن. وهي تتشح بالبياض والسلام وتضج بالتلبية والتكبير والدعاء.. وهي تزدحم بأناس أتوا من كل فج عميق، ومن أقاصي الدنيا. صرفوا الغالي والنفيس. تركوا البلد والأهل. ليتموا الرحلة الكبرى في الدين. إن هذا البلد الكبير والعظيم الذي يضم بين حناياه أطهر بقاع الدنيا لهو شرف كبير لنا، وفخر بخدمة ومصافحة تلك الجموع الغفيرة كل عام. إنه السفر العظيم للمسلم في تلك البقاع الطاهرة. (2) لا يختلف اثنان على تلك المنجزات العظيمة في البنية التحتية بمكةالمكرمة والمشاعر المقدسة. فلو كانت أعداد الحجاج هي هي من قبل عشر سنوات لكان الحج بمثابة النزهة البرية. ولكن كل توسعة وإنجاز كل جديد في البنية التحتية: كقطار المشاعر يقابله زيادة في عدد الحجاج كل عام. الذي يجعل البعض يعتقد أن الخدمات في تراجع. في هذا العام، هناك جموع غفيرة سعوديين وغير سعوديين يقدر عددهم بمليون حاج على الأقل، حجوا بطريقة غير نظامية شكلوا ضغطا ومعاناة لهم وللآخرين. سكنوا سفوح الجبال والوديان، وافترشوا الشوارع، معرضين أنفسهم للخطر والتعب والمرض. وأغلب الحجاج غير النظاميين من العمالة غير السعودية، التي تبرر سلوك هذا المسلك بارتفاع أسعار حملات الحج التي تفوق قدراتهم المالية، حيث تتراوح أسعار تلك الحملات ما بين خمسة آلاف و14 ألف ريال. بينما دفع البعض فقط مبلغا ضئيلا في حدود مائتي ريال ليصلوا إلى مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة. (3) والملاحظ أن آلافا من الحجاج غير النظاميين الراجلين يمرون بجوار رجال الأمن ولا أحد يستوقفهم ويسألهم عن تصريح الحج. لكن ربما يكمن الحل في العام القادم، بتسوير المشاعر المقدسة الذي سوف يبدأ بعد نهاية الحج كما جاء في موافقة المقام السامي. (4) في حملتنا وهي مشهود لها بالدقة والأمانة وتوفير الخدمات منذ أكثر من عقدين من الزمان، حيث سبق أن حججت معها من قبل، وكانوا من أوائل الحملات في التفويج والوصول لعرفات ومزدلفة ورمي الجمرات. هذا العام كانوا ملتزمين بالخطة وعدم تعريضنا للخطر. تحركنا من المخيم ونفرنا إلى عرفات بحدود الساعة (9) صباحا. ولم ننفر إلى مزدلفة إلا في حدود الساعة (11) مساء. بعد أن صلينا جمعا وقصرا بعرفات. بسبب التزاحم الكبير عند ركوب القطار. وبعضنا الذين نفروا من مزدلفة تجاه الجمرات، حشروا في الرصيف ولمدة أكثر من (3) ساعات وقوفا في مكان مزدحم وحار وجرس إنذار الحريق يدق !، وكان الجميع في هلع!، وبعد مضي كل هذا الوقت أعلنت الشركة الصينية عن اعتذارها لما حدث!، والملاحظ أن بعض العاملين عند تلك الأبواب والسلالم هم جزء من المشكلة. أحدهم يخاطب الحجاج قائلا ما معناه التزموا الهدوء أو سأقفل السلم عنكم. بينما هم يرون أن سلمهم لم يتحرك منذ أكثر من ساعة والسلالم الأخرى تعمل. هؤلاء بحاجة إلى دورات مكثفة في عملهم وكيفية التعامل مع حجاج متعبين لم يذوقوا النوم منذ أكثر من (24) ساعة. قال لنا المطوف نحن التزمنا بالتعليمات الموجهة لنا بخطة التفويج وما طلب منا، إن التقصير لا يعود إلينا وإنما من الجهات المختصة ومشغل القطار على وجه التحديد!.. (5) مشكلة بعض الحجاج، تكمن في الأنانية والبحث عن الخلاص الفردي بأي شكل وانعدام الوعي، والفهم غير الصحيح لشعيرة الحج. تجدهم بعد الطواف والسعي والصلاة، يتفرجون ويصورون وينامون ويجلسون لأطول فترة ممكنة في المسجد الحرام مما يشكلون ازدحاما وعبئا على المسلمين، وهم من بعض الجنسيات الآسيوية، والذين يحتاجون إلى بذل جهود مضاعفة في الأعوام القادمة لتوعيتهم قبل القدوم للحج من قبل القنصليات السعودية وبلدانهم والمطوفين على حد سواء. وهو استثمار وبذل في محله سيسهل أداء الشعيرة ويحمي أرواح الناس في المستقبل. والحمد لله من قبل ومن بعد. [email protected]