اعتبر عدد من المثقفين رحيل الأديب والمفكر سعد بن خلف العفنان، رحمه الله، فقدا لركن بارز من أركان المشهد الثقافي في بلادنا، واصفين رحيله بترجل قامة أدبية سامقة وخسارة من الخسائر التي لا يمكن تعويضها في المشهد الثقافي في ضوء اسهامات الفقيد في الأدب والثقافة والريادة ناقدا ومؤرخا وباحثا، مؤكدين أن الراحل تميز برؤيته العميقة حيال ما عاصره من حراك ثقافي دون أن يتخذ من قلمه أو أدبه أو مكتبه وسيلة لنيل من إبداع على حساب آخر مما جعله اسما حاضرا بعمق رؤيته وشمولية إبداعه، وسياقات ثقافية متنوعة. إلى ذلك، أوضح نائب رئيس نادي حائل الأدبي الثقافي رشيد الصقري، أن العفنان تجاوز المشهد المحلي إلى المشهد العربي، بما قدمه من إبداع وأدب، واصفا رحيله بالمؤلم وقال: «لا نملك إلا أن نقول عزاؤنا للوطن ولمشهده الثقافي، بفقد قامة أدبية إذ لا يمكن اعتباره رقما في قائمة الأدباء والمثقفين في مشهدنا المحلي، وإنما هو الرمز الشمولي الذي شمل بأدبه وإبداعاته مجالات ثقافية وإبداعية وزراعية شتى، إذ هو الأديب الرمز، وهو المزارع النشط هو الأديب والإنسان الرمز»، مشيرا إلى أن الراحل بدأ منذ وقت مبكر بالاهتمام بالحركة الثقافية، وأخذ على عاتقه النهوض بها بجهد جمع فيه بين جهد الأديب المتمرس في فنون الأدب، وأضاف أن أطروحات العفنان ستظل حاضرة في المقدمة، مؤكدا أن الفقيد ما يزال أدبه وثقافته تحتاج إلى مزيد من الاحتفاء به من قبل الباحثين والدارسين والنقاد، إذ لابد أن يحتفى به من خلال ما يؤمل أن يصدر عنه أديبا ومثقفا وكاتبا، ورأى أن الاحتفاء بأدب الفقيد يتجاوز مفهوم الاحتفاء إلى ما يمليه الواجب الثقافي على أهل الثقافة والبحث والدراسة، لكون الكثير من إبداعاته لما تزل بكرا، ومساحات خصبة تحتاج إلى المزيد من القراءة والتأمل والبحث. من جهته، قال مدير مكتب «عكاظ» الإقليمي بمنطقة حائل والصديق المقرب من الراحل الزميل سعود الرشود، العفنان علامة بارزة في الأدب المحلي، ليس لكونه أديبا فحسب وإنما لكونه مؤرخا وجغرافيا ولغويا وأديبا، إضافة على كونه مزارعا، مضيفا أن نتاجه الأدبي والثقافي يدل على ما تميز به من قدرات أدبية متفردة، مشيرا إلى أنه كان وجها مشرفا وصوتا نفتخر به ليس على المستوى المحلي فحسب وإنما على المشهد العربي الأدبي والثقافي بوجه عام، فقد كان عضوا في عدد من الهيئات العلمية واللغوية والثقافية في مصر والعراق وسورية ولبنان. في سياق متصل، قال مدير إدارة الإعلام التربوي بتعليم منطقة حائل الزميل إبراهيم الجنيدي: «عندما نتحدث سعد العفنان فهذا يعني أننا نتحدث عن باحث شمولي، ورائد من رواد البحث الأدبي والثقافة والسياسة فهو يضرب لنا مثالا نموذجيا، للباحث المحايد وصاحب الرؤية العميقة، الذي لا يمكن أن يتحيز لثقافة دون أخرى، ولا إلى لون من دون آخر»، مشيرا إلى أن العفنان تميز بسمات الأديب المتزن والكاتب المثقف والشاعر المبدع. يشار إلى أن الأديب سعد العفنان ولد في قرية «النعي» من قرى سلمى في كنف أخواله وترعرع في قرية السبعان على مسافة 70 كلم جنوبي حائل وسط أسرة امتهنت الزراعة لذا كان والده قاسياً بحكم مهنة الفلاحة الشاقة على العكس من والدته من بادية شمر التي كانت تقرض الشعر، ورغم أن الراحل أحد أبرز رموز منطقة حائل وألف (65) كتاباً فإنه لا يحمل سوى الشهادة الابتدائية، فلم تكن هناك مدارس حكومية وأول مدرسة افتتحت في قريتهم عام 1375ه وكان عمره آنذاك 18عاماً وقبل ذلك لم تكن هناك سوى بضع كتاتيب تعلم أبناء القرية الأبجدية والقرآن الكريم، سافر الراحل إلى الكويت وعاش فيها حيث سكن بفندق شعبي وسط السوق يرتاده صحفيون من العراق وسورية ولبنان وشمال أفريقيا.