وصف عدد من المثقفين والأكاديميين رحيل الشيخ الأديب عبدالله بن خميس – رحمه الله تعالى – بأنه فقد لركن بارز من أركان المشهد الثقافي في بلادنا، واصفين رحيله بترجل قامة أدبية سامقة، وبأن فقده يعد خسارة من الخسائر التي لا يمكن تعويضها في المشهد الثقافي، عطفا على رحلة من الأدب والثقافة والريادة التي قدمها فقيد المشهد الثقافي شاعرا وناقدا ومؤرخا وباحثا وصحافيا مؤسسا وإداريا فذا.. مما يجعل الحديث عن فقد هذه القامة هو حديث عن فقد لعلم اتصف بالشمولية فيما كتب وقدم وأبدع.. مؤكدين أن الراحل تميز برؤيته العميقة إلى ما عصره من حراك ثقافي، تميز فيه الشيخ ابن خميس بالحيادية دون أن يتخذ من قلمه أو أدبه أو مكتبه صحافيا وسيلة لنيل من إبداع على حساب آخر.. مما جعله اسما حاضرا بعمق رؤيته وشمولية إبداعه في فنون أدبية مختلفة، وسياقات ثقافية متنوعة، ليصبح الحديث عن ابن خميس القيمة حديث الشمولية التي شقت في مسار الثقافة اسما بارزا وعلما من أعلام الثقافة والأدب في بلادنا.. تاركا للدارسين والباحثين من بعده إرثا أدبيا وثقافيا ما يوال بحاجة إلى الكثير من الدراسات التي من شأنها أن تلقي مزيدا من الأضواء على نتاج الراحل بوصفه أديبا مبرزا، ومؤرخا للأدب وكاتبا مثقفا، اتسم بنوعية وجدة ما طرقه من فنون، تجاوز المشهد المحلي، إلى أن يكون علما – أيضا – في المشهد العربي، بما قدمه من إبداع وأدب، ولما كان يمثله من انضمامه إلى العديد من الجمعيات اللغوية والأدبية والثقافية في المشهد د. عبدالله الوشمي: كان للنادي الذي أسس مسيرته شرف آخر تكريم له في حياته السامقة العربي، الأمر الذي يجعل من أدبه مجالا خصبا للأجيال القادمة لدراسة والكشف عن مزيد من الغزارة المعرفية التي قدمها الشيخ عبدالله ابن خميس للأدب الفصيح منه والشعبي، ولما دونه في مجال اللغة وما سطره عن ذاكرة المكان.. ليبقى عبدالله بن خميس رحمه الله علما سامقا بما تركه من إرث ثقافي لأديب اجتمعت فيه روح الشاعر بثقافة الأديب، وقلم الإعلامي بأدوات الباحث الراصد المؤرخ.. الذي استطاع أن يدون ويرصد مرحلة من الحراك الأدبي والثقافي في بلادنا من خلال ما ألفه من كتب في فنون شتى، وعبر ما أسهم به كاتب صحافيا، وإداريا فذا قدم نموذجا للإداري المواطن النموذج.. رئيس نادي الرياض الأدبي الثقافي الدكتور عبدالله الوشمي وصف رحيل فقيد المشهد الثقافي الأديب عبدالله بن خميس قائلا: لا نملك إلا أن نقول عزاؤنا للوطن ولمشهده الثقافي، بفقد قامة أدبية بقامة عبدالله بن خميس، إذ لا يمكن اعتباره رقما في قائمة الأدباء والمثقفين في مشهدنا المحلي، وإنما هو الرمز الشمولي الذي شمل بأدبه وإبداعاته مجالات ثقافية وإبداعية وإدارية شتى، إذ هو الأديب الرمز، وهو الإداري الذي نشط في عدد من المسؤوليات الإدارية خدمة للوطن، من خلال وزارة المواصلات وغيرها من الإدارات المختلفة التي لم يكن أيضا ببعيد عن الإدارة الثقافية إذ هو الأديب والشاعر الرمز، وذلك من خلال إدارته لنادي الرياض الأدبي بوصفه أول رئيس لنادي الرياض الأدبي، فهو الشاعر المبرز الذي يشار إليه بالبنان كل ما تأملنا وقرأنا مشهدنا الثقافي منه عامة والشعري بوجه خاص. أما عن الأديب الراحل في مجال الثقافة والإعلام، فقد ذكر د. الوشمي بأن الفقيد بدأ منذ وقت مبكر بالاهتمام بالحركة الصحفية، وأخذ على عاتقه بالنهوض بها بجهد جمع فيه بين جهد الأديب التمرس في فنون الأدب من جانب، والإعلامي العارف بفنون الصحافة، الذي خدم من خلالها الأدب العربي بوجه عام، والأدب المحلي بصفة خاصة، إلى جانب ما أسهم به في ميدان الصحافة من خدمة لأدبنا الشعبي، إذ يعد ابن خميس – رحمه الله – أحد أبرز رواد هذا الأدب، وأحد مصادره الرئيسة في بلادنا. وأضاف الوشمي عن فقيد الأدب والثقافة قائلا: عندما نتحدث عن عبدالله بن خميس، من خلال الأدب السعودي، فأننا نجد أن قصيدته تظل حاضرة في المقدمة، بالإضافة إلى الحراك الذي تميزت به جهود من خلال القصيدة ذاتها عبر قلمه الصحفي، ومن هنا فإننا نجد أن ابن خميس هو الشاعر الكاتب، والنشط الثقافي، وذلك من خلال ما قدمه من كتابة مختلفة عن الأدب السعودي شعره ونثره فصيحه وعاميه، لنجده الكاتب المدافع النشط والمنافح.. مشيرا إلى أن أعضاء مجلس إدارة النادي الأدبي الثقافي بالرياض مدينون لابن خميس لأن النادي على يديه استطاع أن يبحر في نشاطه الثقافي الذي كان يترأسه، كما شرف النادي أيضا أن ينال شرفا آخر تكريما له في حياته برعاية معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة، في ليلة مليئة بالشجن والتداعيات الأدبية والثقافية على عدة مستويات في حياة الفقيد تغمده الله بواسع رحمته.. مؤكدا على أن الفقيد ما يزال أدبه وثقافته تحتاج إلى مزيد من الاحتفاء به من قبل الباحثين والدارسين والنقاد، إذ لابد وأن يحتفى به من خلال ما نؤمل أن يصدر عنه شاعرا وأديبا ومثقفا وصحافيا.. لتعنى برصد الإرث الأدبي والثقافي الكبير الذي تركه ابن خميس للأجيال القادمة.. مختتما حديثه بالتأكيد على أهمية هذا الاحتفاء بأدب الفقيد، الذي يتجاوز مفهوم الاحتفاء إلى ما يمليه الواجب الثقافي على أرباب الثقافة والبحث والدراسة، لكون الكثير من إبداعاته لما تزل بكرا، ومساحات خصبة تحتاج إلى المزيد من القراءة والتأمل والبحث، فإذا ما درس أدبه على مستوى الشعر والنثر من خلال الدراسات النقدية، لكون شعره تجاوز مستوى الوقوف عند القصيدة ونقدها، إلى كونه امتدادا للنخبة البيضاء من أدبائنا الذين لم يقف تواصلهم عند مستويات حراك المشهد المحلي، وإنما استطاعوا أن يحلقوا بالأدب المحلي للاتصال به مع عدد من المشاهد. أما الناقد والكاتب الدكتور عبدالله بن سليم الرشيد، فقد وصف رحيل الشيخ عبدالله بن خميس، بأن علامة بارزة في الأدب المحلي، إذ إنه ليس أديبا فحسب، وإنما لكونه مؤرخا وجغرافيا ولغويا وأديبا، إضافة على كونه شاعرا وناقدا، فقد كتب – رحمه الله - الشعر والمقالة والرحلة، مشيرا إلى ما تميزت به ريادته الشعرية بين سائر الفنون التي جمع إليها – أيضا – التميز والإبداع. وقال د. الرشيد: كانت ريادة الأديب عبدالله بن خميس في الشعر، ريادة تفوق فيها على الريادة التي تألق فيها مؤرخا وصحافيا وكاتبا، إلا أن كل نتاجه الأدبي والثقافي نجده يأتي دالا على ما تميز به من قدرات أدبية متفردة، ومما يذكر في هذا المقال أنه كان رحمه الله تعالى وجها مشرفا وصوتا نفتخر به ليس على المستوى المحلي فحسب وإنما على المشهد العربي الأدبي والثقافي بوجه عام، فقد كان عضوا في عدد من الهيئات العلمية واللغوية والثقافية، إلى جانب عضويته فيها، وما جمع إليها من مشاركات في تلك المؤتمرات الثقافية، ومن هنا فنحن فقدنا اسما ورمزا في مشهدنا الثقافي والأدبي في المملكة، فرحمه الله رحمة واسعة. من جانب آخر تحدث الكاتب والناقد الدكتور عبدالله المعيقل، عن الأديب الفقيد قائلا: عندما نتحدث عن فقيد المشهد الثقافي والأدبي في بلادنا عبدالله بن خميس – رحمه الله تعالى- فهذا يعني أننا نتحدث عن باحث شمولي، ورائد من رواد البحث الأدبي والجغرافي والصحفي، ولذا فإننا نتحدث عن الفقيد من منظور الريادة بوصفه – أيضا – من أوائل من أسس دراسات الأدب الشعبي في المملكة العربية السعودية، وهو في هذا المجال يضرب لنا مثالا نموذجيا، للباحث المحايد وصاحب الرؤية العميقة، الذي لا يمكن أن يتحيز لثقافة دون أخرى، ولا إلى لون من الشعر دون آخر، فقد كان فقيد المشهد ينظر إلى الإبداع من منظور الإبداع أياً كانت لغته أو وسيلته، فاهتمامه بالفصيح يأتي بنفس الاهتمام الذي نجده لديه من حيث اهتمامه وحماسته للبحث في الأدب الشعبي، الذي يعتبر رائدا له في المملكة بلا جدال. ومضى د. المعيقل مشيرا إلى ما كان يتميز به عبدالله بن خميس من سمات الأديب المتزن، والكاتب المثقف، والباحث المحايد، والشاعر المبدع، إلى جانب بعده عن صفات التباكي التي ظهرت عند بعض من عرفهم المشهد الثقافي من مجايليه، الذين افتعلوا في المشهد الثقافي تباكيا مفتعلا أقرب ما يكون للادعاء والكذب بالخوف على لغة الضاد من أدعياء هذا التوجه، الذي لم يلتفت إليه الأديب ابن خميس رحمه الله. وأضاف د. المعيقل بأن الحديث عن الشيخ عبدالله بن خميس رحمه الله تعالى يأتي من قبيل الحديث عن الأديب الشمولي، الذي أسهم بحض وافر في الكتابة الصحفية، التي أسبقها بدور ريادي في تأسيس مطبوعة صحفية، إلى جانب ما قدمه بقلمه صحافيا شاعرا وكاتبا دافع ونافح وقدم الفكرة تلو الفكرة..إلى جانب ما قدمه لموروثنا الشعبي في الجزيرة العربية، إذ هو المؤرخ الأديب.. مستعرضا العديد من مؤلفاته في هذه السياقات المتنوعة، والتي ذكر منها المعيقل: (راشد الخلاوي) وما يمثله هذا الإصدار في الأدب الشعبي إلى جانب العديد من إصداراته في هذا المجال، وكذلك كتابه (أهازيج الحرب) وكتاب (الأدب الشعبي في جزيرة العرب) إذ تمثل هذه الإصدارات جملة مما أسهم به الأديب الراحل في تدوين وتوثيق أدبنا الشعبي، الأمر الذي يدل دلالة واضحة إلى ما يتمتع به الشيخ ابن خميس من حس الرؤية وحسنها تجاه الأدب الشعبي والموروث بوجه عام، مما جعله رائدا في مجال ما قدمه للأدب الشعبي في بلادنا.. مستعرضا ما قدمه الفقيد في كتابه الشهير (المجاز بين اليمامة والحجاز) وكتابه الشهير الآخر عن (معجم اليمامة) إلى جانب ما تميزت به أبحاثه رحمه الله عن مدينة الدرعية التي نشأ بها.. مؤكدا د. المعيقل في ختام حديثه على ما يتسم به من الشمولية الحقة التي يدلل عليها ريادته في سياقاتها الأدبية وفنونها الثقافية المختلفة، لتأتي الرحلات – أيضا – عند ابن خميس بعدا آخر من أبعاد الثقافة والإبداع، التي تضاف إلى هذه الشمولية، لتمزج فيها روح الأديب بالمثقف، والناقد بالكاتب، والإداري بالإعلامي.. ليجد القارئ اليوم والأجيال القادمة في أدب فقيد المشهد الثقافي التنوع الخصب، والريادة الحقة، التي يجتمع فيها الإبداع اجتماع التناغم الذي يأسر القلب ويستثير الألباب لما دونه ورصده وأبدعه رحمه الله. الأديب والمؤرخ عبدالله بن خميس خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود مع الأديب عبدالله بن خميس عبدالله بن خميس مع الأمير سلمان