غدا الوقوف بعرفة فاللهم تقبل من الحجاج حجهم وأمنن على بقية خلقك بفضلك ورحمتك. ومع إطلالة عيد الأضحى نلحظ أن الخراف أصابها الجنون فلم تلزم قاعدة النهي والتعقل من كون (البيضة لا تداقش الحجر) فها هي قبائل الخرفان تنساق لنداء الغيرة فمع ارتفاع أسعار النوق والتي غالت في ارتفاع أسعارها حيث بلغ بعضها سقف المليون والمليونين متجاوزة في قيمتها كل الأنفس الحية بما فيها من يملكها. وأسعار النوق في منطقتنا ظاهرة لم تصل بعد إلى التفسير المنطقي الذي يفسر سبب إقبال البعض على شراء ناقة بمليونين أو أكثر ودائما ما أقول إن هذه الناقة أو تلك ليست مجوهرات أو ذهبا فلو قام أحدهم بشراء الناقة بمبلغ باهظ وماتت مباشرة بعد إتمام الصفقة ماذا سيكون حال المشتري؟ وهو سؤال ليس اعتباطيا إذا قال قائل إن الذي يشتري بمليونين حيوان هو لديه رصيد تكون المليونين لديه كالريالين عند أحدنا، أيضا ليس هذا هو القصد. بل القصد القول إن سلوكياتنا هي بقايا أساطير اضمحلت وبقيت تيمتها ممتدة، فمن يشتري بمليونين كائنا حيا غير آمن من مخاطر موته بعد الشراء، يكون الشاري متحركا وفق القيمة الدلالية الغائبة عن ذهنيته الآنية والحاضرة في الموروث لهذا الكائن الأسطوري الذي كان شبه مقدس في زمن من الأزمان. أعتذر عن هذا الإيغال في التعريج على ظاهرة سلوكية ارتبطت بالبعد الأسطوري كفعل يمثل حيرة للبعض حيال ما يراه من جنون في أسعار النوق، ولم أكن أقصد ذلك بل أردت الذهاب إلى غلاء أضاحي العيد بصورة مبسطة لم يعتد المواطن عليها، فأن يصل سعر بعض الخرفان إلى 3000 ريال هذا يعني تناقصا في عدد المضحين، ومع استمرار غلاء اللحوم وتدني دخول الكثيرين سوف تصبح (اللحمة عزيزة) ولن تصل إلى الأفواه بالصورة التي عشناها ونعيشها إلى الآن ولله الحمد، فمن الآن سوف يتحول عيد الأضحى لدينا إلى مسمى (عيد اللحمة) كما كنا نسمع ذلك في المسلسلات والأفلام العربية، ويتحول عيد الأضحى إلى توقيت زمني نحصل فيه على اللحمة، والدعاء بأن لا يحرمنا الله من هذه النعمة العظيمة وأن يكون غلاء أسعار الأضاحي مجرد ظاهرة (مناسباتية) تفضح عجز الرقابة، أما نحن فسنتخذ الجانب المقابل ويغني كل منا (يا غالي الأثمان غلوك بالحيل).