قطارنا الاجتماعي يسير إلى محطة عيد اللحمة. ففي بعض الدول يمثل عيد الأضحى فرصة لتذوق اللحمة بعد فراق دام شهورا أو أكمل الحول من غير أن يصل إلى بطن أولئك الفقراء لعدم مقدرتهم مجاراة أسعار ما يتم ذبحه من تلك الخراف، ولأن عيد الحج هو عيد يقدم الكثير على التقرب من الله بالذبح والتصدق بما تم إراقة دمه لهذا تكثر اللحوم وتذوقها في مثل هذه الأيام.. ويبدو أن قبيلة الخرفان أصابتها الغيرة من ارتفاع أسعار بني جلدتها النوق وذكورها والتي غالت في ارتفاع أسعارها فبلغ بعضها سقف المليون والمليونين متجاوزة كل الأنفس الحية بما فيها من يملكها، فهل رأيتم أن أحد مالكي هذه الجمال سعره مليون (عفوا أقصد ديته). وأسعار النوق في منطقتنا ظاهرة لم تصل بعد إلى التفسير المنطقي الذي يفسر سبب إقبال البعض على شراء ناقة بمليونين أو أكثر ودائما ما أقول إن هذه الناقة أو تلك ليست مجوهرات أو ذهبا فلو قام أحدهم بشراء الناقة بمبلغ باهظ وماتت مباشرة بعد إتمام الصفقة ماذا سيكون حال المشتري؟ وهو سؤال ليس اعتباطيا إذا قال قائل إن الذي يشتري بمليونين حيوانا هو لديه رصيد تكون المليونان لديه كالريالين عند أحدنا، أيضا ليس هذا هو القصد. بل القصد القول إن سلوكياتنا هي بقايا أساطير اضمحلت وبقيت تيمتها ممتدة، فمن يشتري بمليونين كائنا حيا غير آمن من مخاطر موته بعد الشراء، يكون الشاري متحركا وفق القيمة الدلالية الغائبة عن ذهنيته الآنية والحاضرة في المورث لهذا الكائن الأسطوري الذي كان معبودا في زمن من الأزمان وجاء في زمن لاحق لأن يكون معجزة لنبي وهالكة لأمة بأكملها ثم بقيت تيمة التقديس مضمرة نراها الآن في الغلاء الفاحش للناقة تحديدا.. أعتذر عن هذا الإيغال في التعريج على ظاهرة سلوكية ارتبطت بالبعد الأسطوري كفعل يمثل حيرة للبعض حيال ما يراه من جنون في أسعار النوق، ولم أكن أقصد ذلك بل أردت الذهاب إلى غلاء أضاحي العيد بصورة مبسطة لم يعتد المواطن عليها، فإن يصل سعر بعض الخرفان إلى 3000 ريال هذا يعني تناقصا في عدد المضحين، ومع استمرار غلاء اللحوم وتدني دخول الكثيرين سوف تصبح (اللحمة عزيزة) ولن تصل إلى الأفواه بالصورة التي عشناها ونعيشها إلى الآن (ولله الحمد) فمن الآن سوف يتحول عيد الأضحى لدينا إلى مسمى (عيد اللحمة) كما كنا نسمع ذلك في المسلسلات والأفلام العربية، ويتحول عيد الأضحى إلى توقيت زمني نحصل فيه على اللحمة، والدعاء بألا يحرمنا الله من هذه النعمة العظيمة وأن يكون غلاء أسعار الأضاحي (مناسباتية) تفضح عجز وزارة التجارة عن مراقبة أسعارها المنفلتة في هذه الأيام، وكل منا يغني (يا غالي الأثمان غلوك بالحيل). للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة