في لائحة الأندية الأدبية، تؤكد وزارة الثقافة والإعلام أن الأندية مؤسسات مستقلة، وهذا يعني فيما أتصور استقلالية على مستوى التنظيم والانتخابات والبرامج وغيرها، والوزارة ليست إلا مشرفة على مسيرة النوادي، دون أن تتدخل في سياق الأندية وتحولاتها وسياساتها، والحقيقة أن وزارة الثقافة والإعلام محقة من جانبها، وقد تركت الأندية تعمل ما تريد (رغم خلل في مسألة الانتخابات، والتي انتقدت من قبل الكثير من المثقفين في وقتها)، لكن الأندية في حقيقتها ليست مؤسسة مستقلة، كونها تخضع في الأخير إلى رؤى خارج العمل الثقافي، إذ لا بد من الاستئذان في البرامج بكاملها وتفاصيلها من الجهة الإدارية في المنطقة، وما يتفق معها يسمح، وما لا يتفق يمنع. مفهوم الاستقلالية في المؤسسات يعني ألا يخضع العمل الثقافي إلا إلى مراقبة العمل الثقافي نفسه وداخل حقله المعرفي، دون تدخل أحد من خارجه تماما كما هي شروط العمل الأكاديمي في الجامعات، أو شروط العمل الفني في جمعيات الفنون وغيرها. صحيح أنه لا بد من مراعاة التنوع الثقافي والاجتماعي في البلد، لكن بشروط العمل الثقافي، وليس بشروط غيره. لا يمكن مثلا أن نضع محاضرة وعظية في نادٍ يهتم بالأدب، كون المجالين مختلفين أو إرضاء لتوجه بعض أفراد المجتمع. أهم قضية كان على المثقفين النضال دونها هي الاستقلالية الثقافية، وإلا فلن يبقى لعملهم أي قيمة مادام أن أي مسؤول قادر على التأثير في توجيه المؤسسات الثقافية بالوجهة التي يرضاها، وهذا يخضع لكل المؤسسات الثقافية، سواء أكانت تعليمية أو إعلامية أو أدبية أو أكاديمية غيرها.