نشرت حادثة عن موت طفلة في سيارة ذويها بعد نزهة قضوها مساء أول أمس، وسبب الوفاة أن أهل الطفلة بعد وصولهم نسوا طفلتهم النائمة في المقعد الخلفي، وصعدوا إلى البيت، وناموا ليكتشف الأب في اليوم التالي (يوم الجمعة الماضي) أن طفلته ماتت داخل السيارة بسبب نقص الأوكسجين. هذه قصة طازجة، وقبلها سمعنا عن قصص مماثلة؛ قصص تتحدث عن نسيان أطفال في المراكز التجارية، أو نسيانهم داخل المطاعم أو نسيانهم على بوابات المدارس أو نسيانهم في الشوارع وإغلاق الأبواب دونهم . هذا النسيان عندما نتذكره مفرغا من مسبباته يكون وقع الخبر علينا عظيما إذ كيف لإنسان أن ينسى ابنه هنا أو هناك. ؟! فما هو التفسير المقبول الذي يمكن له تمرير مثل هذا النسيان لأبنائنا . وهل بلغ انشغالنا درجة تجعلنا لا نركز فيمن حضر أو غاب؟ وقبل الإجابة على هذا السؤال، علينا أن نسترجع حالتنا داخل بيوتنا في هذا الزمن، فكثير منا يشتكي من الانفصال الأسري بسبب التقنية الحديثة، فالصورة المكررة في كل منزل أن الأسرة مجتمعة إلا أن كل منا منعزل عن الآخر وغارق في جهازة الإلكتروني (بأنواعه المختلفة) ومنشغلا في إرسال رسائل أو استقبالها مما يجعل تواجدنا سويا تواجدا جسديا وليس فعليا حتى إذ تحدث أحدنا لم يسمعه الآخر وإن سأل لم يجب على سؤاله، وإن وجه لم يؤخذ بتوجيهه . وفي هذا الجو غابت الحميمية، وغاب معها الافتقاد حتى أن بعض الأسر لم تعد تلتقي على وجبة طعام أو مشاهدة تلفاز (خاصة من كان لدى كل فرد جهاز تلفاز في غرفته) لدرجة أننا نسأل عن بعضنا البعض من خلال إجراء اتصال ونحن جميعا داخل البيت..هذا هو وضع الكثير، ومن هنا يصبح غياب أي منا غير ملفت فالإحساس المشترك بيننا أننا موجودون داخل البيت وليس مهما انفصالنا جسديا أو وجدانيا وهذا هو الشعور السائد. وبسبب غياب مشاركتنا الجمعية في حياتنا اليومية يمكن أن يحدث النسيان أن تنسى طفلك أو لا تفتقد غياب ابنك أو أي أحد من أفراد الأسرة. ربما يصلح هذا التعليل على الغالبية العظمى منا إلا أن واقع أطفالنا يشير إلى ابتعادنا عنهم وابتعادهم عنا. وما لم توجد خطط أسرية لاسترجاع الحميمية المفقودة داخل بيوتنا فإن الضياع لن يكون جسديا فقط، بل سيكون ضياعا عاطفيا وأخلاقيا وتربويا .ويكفينا مانحن عليه من ضياعات متعددة فلنحافظ على نواة المجتمع (الأسرة) بتكثيف عودتنا إلى طبيعة الأشياء، وترشيد سلوكياتنا التي انتمت إلى الأجهزة الإلكترونية أكثر من انتمائها إلى وجودها الحقيقي. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة [email protected]