تفاوتت آراء المثقفين والأكاديميين حول الحيلولة دون تمكين المرأة من أداء دور عبلة في مسرحية عنترة بن شداد التي شهدها مسرح سوق عكاظ الشهر الماضي، فاعتبر البعض منهم أن الاستبعاد يعد إقصاء للمرأة عن خوض تجربة التمثيل المسرحي، في حين أرجع البعض السبب إلى وجود ضعف في معالجة النص المسرحي لدور المرأة، بينما ذهب البعض الآخر إلى أن المجتمع لم يتقبل بعد فكرة ظهور المرأة على خشبة المسرح، «عكاظ» ناقشت أبعاد القضية في تفاصيل الاستطلاع التالي: في البدء اعتبرت الدكتورة منيرة العكاس، أن تغيب المرأة عن خشبة المسرح بسوق عكاظ يعد خللا واضحا في تقديم المشهد التاريخي، وتساءلت كيف تغيب عبلة عن المسرح السعودي كامرأة في حين أن هذه المرأة موجودة في الإعلام المرئي وفي التمثيل منذ سنوات؟ ورأت أن دخول المرأة عبر الشاشة الصغيرة إلى كل منزل أقوى من ظهورها على خشبة المسرح لأن الحضور المسرحي دائما ما يكون نخبويا. ومن جهتها، أشارت الكاتبة ذكرى الحاج، إلى أن سوق عكاظ يجب أن لا يكون حكرا على أحد وكان من الأجدر أن لا يقتصر الظهور المسرحي على الرجل فقط، لا سيما أن هناك توجها يسعى إلى الرقي بالجميع. المسرح النسائي من ناحيتها، رأت الكاتبة والمصممة السعودية مها النهدي، أن المرأة ليست مغيبة كلياً فهي تشارك في معظم الأنشطة الثقافية والاجتماعية، معربة عن سرورها من تكريم المرأة في شتى المجالات، وقالت: «ما أعرفه أن كل شيء في حياتنا السعودية يمكن وضعه في الإطار الإسلامي». بدورها، قالت عضو أدبي جدة الدكتورة فاطمة إلياس: «الذين غيبوا عبلة، ومن قبلها غيبوا ليلى ومعظم بطلات التاريخ، إنما أجلوا ظهورها حتى عيد الفطر القادم لتظهر على مسرح منفصل يسمى «المسرح النسائي؟»، ورأت أنه لا يمكن إقصاء المرأة عن المسرح بمكوناته الثقافية والأدبية كتصوير للحياة واستحضار للقيم الإنسانية، وقالت: «يبدو لي أن المشكلة لا تكمن في الحضور الرجالي الذي يمنع وجود امرأة على المسرح، أو في الحضور النسائي الذي لا يمكن أن يكشف على ممثل ذكر، ولكن في رفض فكرة وجود ممثلة سعودية عدا عن ظهورها أمام الجمهور لأن مسرح عكاظ اكتظ بالرجال والنساء وحتى الأطفال». في السياق نفسه، اعتبرت الإعلامية فدوى الطيار، أن المرأة غائبة عن أكثر المناسبات الهامة، وتساءلت لماذا هذا الإقصاء بحق المرأة رغم أن تصريحات معظم المسؤولين تؤكد على مشاركاتها؟ معالجة النص وقالت عضو أدبي مكة ثريا بيلا: «المرأة قامت بدور رئيسي في حياة عنترة وكنت أتمنى لو أن بطلة القصة كانت موجودة لتكتمل بذلك كل الأحداث وتحضر كما حضرت روضة الحاج»، معتبرة أنه لو حضرت عبلة لكان للمسرحية حضورا مختلفا. من ناحيتها، أعربت الدكتورة أمل التميمي عن فخرها بفوز المرأة العربية ببردة عكاظ هذا العام واعتبرت أن المرأة نجحت في إثبات نفسها، وحول استبعاد المرأة عن المسرح السعودي أوضحت أن النص لم يعالج مسألة وجود عبلة في حياة، مضيفة أن عدم وجودها يشكل فجوة في طرح النص لأن من يقرأ التاريخ يعرف أن مشكلة عنتر الأساسية كانت مع والد عبلة. من جانبها، رأت الكاتبة والشاعرة السعودية بشاير محمد، أن من يقدم إمكانات بحجم وضخامة سوق عكاظ، لا يمكن أن يتجاهل دور المرأة لاسيما أنها أثبتت نفسها في عدة مراكز مضيفة أن أكبر شاهد على أنها جزء لا يتجزأ من الثقافة فوزها بجائزة سوق عكاظ . نقصان المصداقية ومن جهته، قال الكاتب الدكتور علي الموسى: «إن مجتمعا تحيط به عادات اجتماعية كيف له أن يوافق على ظهور امرأة على خشبة المسرح لتؤدي دورا تاريخيا ثقافيا»، وأضاف: «لو كانت عبلة حاضرة لكانت أضافت شيئا من المصداقية حتى ولو شاركت الدور عبر الشاشة المعروضة»، وأشار إلى أن الساحة الثقافية حققت نقلة نوعية عما سبقها من حيث الرؤية والآلية والحضور القوي الذي حظيت به المرأة. بدورها رأت الناشطة الاجتماعية خديجة الرشيد، أن المرأة أثبتت وجودها في جميع المجالات ولا تجد في حدود فهمها الشرعي ما يمنع المرأة من التمثيل على خشبة المسرح، وتساءلت ما المانع من ظهورها محتشمة بدلا من الصوت فقط؟