لن تظهر شخصية عبلة على مسرح سوق عكاظ في مسرحية عنترة بن شداد التي ستكون الحدث الرئيسي لسوق عكاظ في دورته السادسة التي تنطلق في الرابع والعشرين من شوال القادم، وتقديم شخصية عنترة بن شداد في عرض مسرحي يجسد الحرب والحب في سير عنترة بن شداد دون شخصية "عبلة" التي تدور حولها نصف حياة عنترة كانت تمثل تحديا كبيرا لكاتب النص المسرحي فهد ردة الحارثي. وقال الحارثي في حديث خاص إلى "الوطن" إنه حاول ما استطاع أن يقدم عنترة في إضاءات مختلفة على الشخصية دون فلسفة أو إسقاط، ملخصا إياها في نصف ساعة، مشيرا إلى أن عامل الزمن لم يكن مشكلته الوحيدة ولا المقارنة بين التاريخ الخاص بعنترة الذي لا يسرد إلا شعرا وبين قصص الخيال الشعبي وثراء السرد في الحكواتية، وإنما كانت المشكلة الكبرى التي واجهته أثناء كتابته للنص المسرحي لشخصية عنترة بن شداد تكمن في شخصية "عبلة" التي تدور حولها نصف حياة عنترة، مشيرا إلى أن مكمن الصعوبة في أنه مطلوب عدم ظهورها على خشبة المسرح. الحارثي الذي تمنى أن يتم تغيير طريقة العمل في العرض المسرحي لسوق عكاظ، مشيرا إلى أن النمطية التي يتم العمل عليها الآن لا تؤدي إلى مزيد من الإبداع بقدر ما تؤدي إلى تقديم الممكن والكائن، تحدث عن تجربته في الكتابة لمسرح سوق عكاظ وقال: إنها هي المرة الأولى التي يكتب فيها لمناسبات خاصة كسوق عكاظ ؛ وكان معتادا على الكتابة للمسرح دون قيود، مشيرا إلى أن تجربة كتابته بالنسبة للشخصيات التاريخية ليست جديدة وإنما الجديد في هذه التجربة أنه يكتب للمرة الأولى لمسرحية خاصة بمناسبة مثل سوق عكاظ، مبينا أن مسرح عكاظ مقيد بالزمان والمكان والحضور وزحمة النقاش حول التجربة. وأضاف أن التجربة كانت تمثل له في هذه المسرحية تحدي ظرفي الزمان والمكان للشخصية أمام سيرة ضخمة لعنترة، مزدحمة جدا بأحداث عديدة ينبغي أن يسردها بشكل خاص لمناسبة خاصة، إضافة إلى أن شخصية عبلة وهي مادة أساسية في المسرحية ينبغي ألا تظهر على خشبة المسرح، كذلك لعبة الإسقاط على الشخصية وتحميلها ما لا تحتمل من فكر معاصر كان سيؤدي بالشخصية وقد يقتلها، لذلك كانت كتابة نص عنترة مليئة بالتجربة المفيدة بالنسبة له على حد قوله. وقال الحارثي إن الكتابة لهذه الشخصية دون شك متعبة لكنها محفزة لتحدي كل ذلك للوصول لما يعطي ملامح من حياة هذا الشاعر الفارس المحب، مشيرا إلى أنه جسد في النص المسرحي لعنترة شخصية عنترة الفارس الشجاع المهيب، كما رسخ في ذهن وفكر الناس وذاكرتهم حوله وحول شجاعته، وأنه يصارع الفرسان ويصرعهم حتى الغول لم يسلم منه، وفي الوقت ذاته صور عنترة العاشق المحب الرقيق اللفظ الحكيم العاقل العفيف الكريم والعبد الذليل راعي الماشية، مضيفا أن العمل وضعه أمام أسطورة تمددت في المخيال المحكي حتى تضخمت صورته وأبدع الرواة وأصحاب الحكي والسرد في تضخيم سيرته حتى تكاد تجد الكثير من الروايات لنسبه ومولده وقصصه وموته، وهذا ما يؤكد تدخلات الرواة والحكواتية في سيرته دوما، مشيرا إلى أنه من كل ذلك جسد نقاطا فقط من حياته، متمنيا أن يقدم مخرج طاقم العرض المسرحي عملا مناسبا للفعالية، وعن لوحات العمل المسرحي التي ستتناول قصة عنترة بن شداد قال "العمل عبارة عن لوحة واحدة تناول فيها شخصية عنترة المحب الفارس من خلال خلق حالة مزاوجة بين النص التاريخي وسرد الحكواتي ولغة ونفس السير الشعبية، مشيرا إلى أنه تحرك في النص في اتجاه ثنائيات العبودية والحرية، مبينا أن كل التفاصيل الصغيرة والكبيرة ثرية في حياته؛ لذلك عمل على تظفيرها في قالب يصل ببعض الملامح حرية وعبودية، حب وقتل، شعر وحكمة، صحراء وحروب ومكائد، وعبلة في كل ذلك، يقتل من أجلها، يعف من أجلها، ينهمر الشعر كلما ذكرها حتى لو كان في حالة حرب وقتل وسلب ونهب. وأضاف الحارثي أنه أحضر الحكواتي في النص ليختصر الزمن وينقل الأحدث ويوضح دور الأسطورة في الشخصية، مشيرا إلى أن عدد الشخصيات في النص 15 شخصية، وهنالك الجوقة وفرق المشاهد الاستعراضية الخاصة بالحروب، وفق ما كتب للنص وليس وفق رؤية المخرج الذي قد يأخذ بتصوراته وقد يبني عمله بطريقة مختلفة ويقلص الشخصيات، فله رؤية ينطلق منها. وعن الجديد الذي سيضيفه لمسرح عكاظ بعد أن شهد عرضا لمسرحيات تاريخية سابقة، قال إنه لن يضيف الكثير، هنالك فريق عمل كامل به مخرج وسينوغراف وممثليون وفنيون هم أقدر منه على تقديم الإضافة. وبين الحارثي أنه أنهى كتابة النص وسلمه في شهر جمادى الأولى الماضي، مشيرا إلى أنه لم تكن هنالك ظروف خاصة لترشيحه لكتابة مسرحية سوق عكاظ لهذا العام بل تم الحديث معه في بداية العام حول رغبتهم في كتابة مسرحية هذا العام لسوق عكاظ ثم حددت الشخصية وكانت شخصية عنترة وكُلف بكتابة النص.